السلام المفُخَّخ !
بضع ساعات فقط هي الفاصل الزمني والتلفزيوني بين ما نقله لافروف عن نتنياهو حول قبوله بمبادرة السلام العربية كما هي وبلا اي تعديل وبين ما صدر عن مكتب نتنياهو من تصريحات تقترب من التكذيب لما اعلنه الوزير الروسي . بالطبع لا يفاجأ بموقف نتنياهو الا من لا يعرفه ومن لم يرصد مجمل مواقفه، فالتناقض هو من صميم شخصيته ليس فقط على طريقة جايكل وهايد بل بما هو أبعد من ذلك، بحيث يبدو الرجل كأنه مصاب بالشيزوفرينيا في مراحل مُتقدّمة . جاءت تصريحات نتنياهو من خلال مكتبه مُتزامنة مع قوله ان مؤتمر باريس محكوم عليه بالفشل مسبقا، ولو قيل ان هناك مؤتمرا للسلام يعقد في المريخ وتشارك فيه كائنات من غير هذا الكوكب لما تردد في الحكم عليه بالفشل، والسبب هو القشعريرة التي تنتاب نتنياهو عندما يسمع كلمة سلام، لأن مهمته هي على النقيض منه، ومن قرأ كتابه مكان تحت الشمس لا بد ان يدرك بأن رهانه الوحيد كان وسيظل على استمرار الصراع، وهذا ما قاله اكثر من مفكر ومؤرخ زاروا فلسطين خلال العقود الماضية ومنهم ارنولد توينبي الذي وصف اسرائيل بأنها خطأ تاريخي، وما قاله ايضا هربرت ماركيوز حين التقى سيدة فلسطينية من نابلس واطلق تصريحات اضافته الى قائمة غير المرغوب فيهم . واخيرا نعوم تشومسكي الذي مُنع من الدخول الى فلسطين لأنه لا يردد كالببغاء بالعبرية ما يصدر عن الجنرال والحاخام ! لهذا علينا ان نستنتج بأن السلام الذي قد يقبل به نتنياهو هو السلام الملغوم والمُفخّخ، وهو اسم مستعار لحرب سادسة لقد رضي العرب بالبَيْن لكن البين لم يرضَ بهم، وغاب عن بعضهم ان من يعانق القنفذ سيعاني طويلا من السهام التي تنغرز في صدره . ولن يكون لافروف آخر دبلوماسي في العالم يتورط بما تفرزه شيزوفرينيا نتنياهو من سموم وتناقضات !
(الدستور 2016-06-13)