خطوتان في الاتجاه الصحيح

تم نشره الإثنين 13 حزيران / يونيو 2016 01:04 صباحاً
خطوتان في الاتجاه الصحيح
عريب الرنتاوي

خطوتان في الاتجاه الصحيح، خطتهما الحركة الإسلامية في الأردن: قرار حزب جبهة العمل الإسلامي المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة وإقدام الجماعة على تسليم قيادتها للجنة مؤقتة تعمل على حسم الخلافات بين أجنحتها المختلفة والمتصارعة ... الخطوة الأولى، جاءت في محلها وتوقيتها، أما الثانية، فجاءت متأخرة كثيراً، وربما “بعد خراب البصرة”. نقول ذلك من موقع القناعة، بأن من “المصلحة الوطنية” استئناف سياسة إدماج الحركة الإسلامية في العملية والنظام السياسيين الأردنيين، بديلاً عن سياسات “الشيطنة” و”الإقصاء”، وهذا ما دأبنا على الدعوة إليه، نحن و”نفرٌ” من الكتاب والباحثين والسياسيين ... ودائماً من منطلق الخشية بأن تفضي سياسات كهذه، إلى المس بأمن الأردن واستقراره، ورفع منسوب التطرف والغلو والمساس بوحدته الوطنية. قرار الحزب المشاركة في الانتخابات، كان مرجحاً للغاية منذ أن قدمت حكومة الدكتور عبد الله النسور مشروع قانون جديد للانتخاب في آب/ أغسطس الفائت، وإن كانت الشكوك حول المشاركة قد ساورت الكثيرين، بعد سلسلة الخطوات التي اتخذت بحق الحزب والجماعة، من إغلاق المكاتب ومنع اجتماعات “الشورى” وصولاً إلى الاستدعاءات ومنع إقامة إفطار رمضاني وغيرها من الإجراءات التي كانت تكفي – في ظروف مغايرة – إلى ترجيح قرار المقاطعة، بيد أن “المأزق المتفاقم” الذي يعتصر الجماعة والحزب، دفع بهما لترجيح المشاركة على المقاطعة، والنظر إلى “قبة البرلمان” بوصفها أحد أهم قلاع “الشرعية” المتبقية التي يحتاجانها لمواجهة عمليات الاستهداف المنهجية والمنظمة، محلياً وإقليمياً. وإذا ما سارت العملية الانتخابية على ما يرام، وهذا ما نرجحه عموماً، ولم يطرأ ما يفضي إلى مزيد من التدهور في العلاقة بين الجماعة الإسلامية والنظام السياسي، فإن من المتوقع أن يشهد البرلمان الثامن عشر، تشكل كتلة نيابية حزبية كاملة، تراوح حول الـ “15” مقاعد، بزيادة أو نقصان يراوحان حول المقعدين ... فقانون الانتخاب القائم على القوائم النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة/ الدائرة، وباعتماد نظام “أعلى البواقي” في احتساب القوائم الفائزة، لن يكون ممكناً، حتى لأكبر حزب سياسي بأن يحصل على عدد أكبر من المقاعد. وبمشاركة الحركة الإسلامية في المجلس النيابي القادم، يكون “النصاب السياسي” للبرلمان قد اكتمل، فقد دللت التجربة السابقة، أن الأحزاب المنبثقة عن الحركة الإسلامية أو المنشقة عليها، لم تستطع أن تملأ فراغ “الجماعة الأم”، تحت القبة وليس ثمة في الأفق، ما يشي، بأن حظوظ “الانشقاقات الجديدة” ستكون أفضل من حظوظ “الانشقاقات القديمة” ... وسيوفر وجود كتلة برلمانية إسلامية، فرصة مفتوحة لإدامة الحوار بين الدولة والجماعة، أقله من بوابة البرلمان، وهذا أمرٌ افتقدته الحياة السياسية الأردنية خلال السنوات القليلة الفائتة. وسيكون قرار المشاركة، بمثابة “حجر كبير” قد ألقي في مياه الحراك السياسي الوطني، شبه الراكدة ... وسيترتب على القرار رفع مستوى “الاستنفار الانتخابي” إلى أعلى درجة، وسيحفز الأحزاب والشخصيات على تفعيل حضورها، وإعادة النظر في خططها واستراتيجياتها وتحالفاتها الانتخابية، وقد يدخل بعض “رجالات الدولة” على خطوط العملية الانتخابية بقوة، من أجل ضمان “تمثيل محدود” للحركة، وسيجري تشجيع قوى أخرى من وطنية ويسارية على تفعيل دورها واستنهاض قواعدها الانتخابية، حزبية كانت أم اجتماعية. أما القرار الثاني، الصادر عن الجماعة هذه المرة، فقد جاء متأخراً كثيراً، وبعد أن “نزفت” الجماعة الكثير من دمائها، وفقدت الكثير من حضورها وصدقيتها ... لكن أن تصل متأخراً، خير من ألا تصل، كما يقول المثل الدارج ... والمأمول ألا تتوقف وظائف الإطار القيادي الجديد، عند الجانب “التقني” و”الإجرائي” في عملها، وأن تضع الجماعة الأم على سكة المراجعات المطلوبة، إن لجهة خطابها السياسي/ الإيديولوجي، أو لجهة بنيتها التنظيمية وحياتها الداخلية، واستتباعاً لعلاقاتها مع الدولة وبقية التيارات السياسية والاجتماعية والمدنية في البلاد. صحيح أن هذا “المطلب” ربما يتعدى “التقويض المؤقت والانتقالي” الذي تحظى به اللجنة الجديدة، لكن إدارة الحوار بين أجنحة الجماعة المختلفة بهذه الأجندة، وتوسيع دائرة المشاورات لتشمل جهات وشخصيات من خارج الجماعة، يمكن أن يساعد الجماعة الأم في اجتياز مرحلة الانتقال الصعبة، التي تواجهها ونظيراتها في العديد من الدول والمجتمعات العربية... ودائماً بما يخدم مصلحة الجماعة من جهة، والمصلحة الوطنية الأوسع والأشمل من جهة ثانية، وهذا هو الأهم.

(الدستور 2016-06-13)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات