تحرير سِرْت: تعويم لِحكومة السرّاج!

تم نشره الأربعاء 15 حزيران / يونيو 2016 12:43 صباحاً
تحرير سِرْت: تعويم لِحكومة السرّاج!
محمد خروب

أيّاً تكن النتيجة التي أسفرت عنها التفجيرات الانتحارية بالسيارات المفخخة التي لجأ اليها داعش في مدينة سرت الساحلية الليبية، التي يحلو لوسائل الاعلام ان تصفها دائماً بأنها مسقط رأس الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، فان مجرد تركيز الاضواء على ان قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية التي يرأسها فايز السرّاج, هي التي نجحت في اقتحام سرت والوصول الى مركزها وخوض حرب شوارع في احيائها, يعني منح «الشرعية» الميدانية, حتى لا نقول «الثورية», كشهادة دولية على «صلاحية» جيشها في مواجهة الارهاب, وهي رسالة تنطوي على تهديد واضح بأن هذه الحكومة هي التي باتت صاحبة الشرعية «الوحيدة» في الفضاء الليبي المُتّسِم بالفوضى والفلتان الأمني والعسكري، وان ما عداها من حكومات وميليشيات وتشكيلات ليست ذات صلة, سواء تلك المقيمة – حتى الآن – في طرابلس والتي تتقدم فيها جماعة انصار الشريعة (من خلال قوات فجر ليبيا) ذات الايديولوجيا «الإخوانية», المدعومة من دول عربية – وتركيا ايضاً – ويؤطرها المجلس الوطني الذي يرأسه نوري بوسهمين، ام تلك التي استقرّت في طبرق ويرأس حكومتها عبدالله الثني الذي كان رئيس الحكومة المُعترف بها دولياً, قبل ان يبرز نجم السرّاج ويتم سحب هذا الاعتراف, ليغدو الثني بلا غطاء فيما عقيلة صالح رئيس مجلس النواب أُخضع لعقوبات من مجلس الأمن بتهمة (..) عرقلة مهمة حكومة السرّاج.

ما علينا..

لا تكمن اهمية ما يحدث في سرت، في ان قوات السرّاج قد عُمّدت بالدم والنار, وقيل انها انجزت مهمة اقتحام المدينة الاستراتيجية التي تطل على المثلث النفطي شرقاً، بل ان الاولوية الآن هي لتحييد قوات «الجنرال» خليفة حفتر الذي فشل في المهمة التي أُوكلت اليه، ولم تنجح كل وسائل الدعم السياسي والاعلامي والدبلوماسي وخصوصاً العسكري في «تقوية» جيشه «الوطني» بل ان كل وعوده وتصريحاته النارية بأن تحرير سرت بات مسألة وقت لديه، تبددت وثبت عقمها, الأمر الذي سرّع من عملية التنّصل منه الى درجة ان المبعوث الدولي مارتن كوبلر الذي كان يلّح في مقابلته والاجتماع إليه والوقوف على رأيه، لم يتردد في مهاجمته والتقليل من حجم واهمية جيشه واصفاً اياه (جيش حفتر) بأنه عبارة عن «مجندين اغرار بلا خبرة ولا اهمية عددية له», الامر الذي أشّر – ضمن امور اخرى – بأن حفتر وجيشه وما وصف ذات يوم عند بروز اسمه في الفضاء الليبي بأنه يقود «عملية الكرامة», قد بات من الماضي, وان الزمن الليبي «الجديد» الذي يُراهِن على حكومة الوفاق قد تجاوزه, بل ثمة انباء عن ان عقيلة صالح رئيس مجلس نواب طبرق, أبدى استعداده لدعوة مجلس النواب التابع له كي يمنح الثقة لحكومة السراج, وهو امر طالما دعا اليه مجلس الامن وضغطت من اجله الدول الاوروبية وأن كان حفتر ما يزال – ربما حتى الان – يحظى بدعم ورعاية بعض الدول العربية, لكنها مسألة وقت لفك الارتباط به وتغيير الوُجْهَة.

وبصرف النظر عن المدة التي ستستغرقها عملية تحرير سرت في شكل كامل, كي يتم «الاحتفال» بالنصر المبين الذي حققته حكومة السراج, بكل ما يعنيه ذلك من رسائل واشارات بأن الامور في طريقها الى «اللملمة» وبداية لضبط الفلتان الامني وتفكيك الميليشيات و»الجيوش» التي تعيث خراباً وفساداً في الهضبة الليبية, فإن ما حدث قبل يومين في طرابلس على وجه الخصوص يشي بأن التفاؤل في هذا الشأن غير مبرر أو مُتسرِّع, اذ سيمضي وقت طويل قبل أن تنجح حكومة السراج في السيطرة على الوضع وبناء المؤسسات وفرض القانون.. اذ قام مُسلحون بإعدام «سجناء» قررت محكمة طرابلس اخلاء سبيلهم, بعد أن تم احتجازهم خلال الاعوام السابقة بتهمة التنكيل بـِ»الثوار», وهم في معظمهم محسوبون على النظام السابق, الامر الذي اثار ردود فعل غاضبة حتى أن كوبلر (ما غيره) طالب باجراء تحقيق في ملابسات هذه الجريمة.

في السطر الاخير تبدو معركة سرت التي قيل ان مستشارين (بل هناك من التقارير من أكّد وجود قوات خاصة شاركت بها) من دول اوروبية, كذلك من الولايات المتحدة شاركوا فيها, وكأنها قرار غربي بتعويم حكومة السراج, واقناع الجميع انها ليست فقط حكومة وفاق بل لها «أنياب» وقوة عسكرية اثبتت حضورها الميداني خصوصاً في مواجهة داعش, وعلى باقي الجيوش والميليشيات غير الشرعية ان تُسارع الى حل نفسها وتسليم اسلحتها والخضوع للقانون واحترام سيادة الدولة.

هل سيتم هذا؟ أم أن وقائع السنوات الخمس الماضية ستجعل منه مجرد أمنية؟

(الراي 2016-06-15)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات