«الشرعية البرلمانية» بعد أن عزّت »شرعية الشارع »

تم نشره الخميس 16 حزيران / يونيو 2016 12:40 صباحاً
«الشرعية البرلمانية» بعد أن عزّت »شرعية الشارع »
عريب الرنتاوي

لست سنوات خلت، خلا البرلمان من ممثلي جماعة الإخوان والمسلمين وحزبها السياسي ... هذه فترة قصيرة بعمر الزمن، بيد أنها طويلة جداً بحساب التطورات الجذرية المتلاحقة التي ضربت المنطقة بمجملها، وأهمها على الإطلاق، قصة صعود وهبوط الإسلام السياسي عموماً، والإخواني على نحو خاص. لم يمض وقت طويل على انتخابات 2010، حتى اندلعت ثورات الربيع العربي وانتفاضاته، يومها لم يشعر “الإخوان” بأي فارق بين المقاطعة والمشاركة، انتقلوا إلى الشارع، وراهنوا على “ِشرعيتهم الشعبية” الآخذ بالاتساع بقوة زخم إقليمي منقطع النظير، تمثل في وصول إلى الجماعات الشقيقة في مصر وتونس والمغرب للسلطة على “بساط الربيع”، وقبلها كانت حماس وصلت السلطة في غزة، وإخوان العراق مثلوا “سنته العرب” في العملية السياسية، أو معظمهم على الأقل. لكن الأمر بدأ يصبح مختلفاً تماماً بعد مقاطعة انتخابات 2013 بوقت ليس بعيد ... آخذ المنحى البياني لصعود الجماعات الإسلامية في العالم العربي بالهبوط، واشتدت حملات “شيطنة” الإخوان المسلمين في عديد من الدول العربية، وصولاً إلى “قواعدهم الخلفية” في بريطانيا والولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى ... واشتدت حملات “نزع الغطاء” أو بالأحرى “نزع الشرعية” عن الجماعة في الأردن ... انحسر الربيع العربي وهدأت الشوارع وأفلت نجوم الحراكات الشبابية والشعبية في الأردن. في مناخات كهذه، لم يعد الرهان على “الشرعية الشعبية” أو “شرعية الشارع” أمراً ممكنا، بل بات خياراً مكلفاً جداً، وكلفته مرشحة للتصاعد كل يوم، مع تبدل أولويات الأردنيين، لصالح الأمن والاستقرار على حساب الحرية والديمقراطية والحقوق، والاقتصاد على حساب السياسة ... لم يبق للجماعة سوى أن تعود للبحث عن شرعيات أخرى، تخرجها من موسم الانحسار والانكماش، بأقل قدر من الخسائر، حتى لا نقول للحفاظ على الرأس وتفادي خيارات الحظر والادراج في القوائم السوداء كما هو حالها في عدة بلدان عربية. في هذا السياق، يمكن أن نفهم حصول قرار المشاركة في الانتخابات على تأييد ثلاثة أرباع أعضاء مجلس شورى الجماعة ... وهو القرار الذي جاء متناغماً على ما يبدو، مع نتائج الاستفتاء الداخلي الذي أجرته الجماعة لقواعدها وكوادها بهذا الخصوص ... وهو أمرٌ ينم عن إدراك أفضل لخطورة المرحلة التي تمر بها الجماعة في الأردن والمنطقة من جهة، واستدارك متأخر لما يمكن تداركه من تداعيات “القطيعة” بين النظام السياسي والجماعة الإسلامية. أما وقد آلت الأمور إلى ما آلت إليها داخل الجماعة، فإن السؤال الذي يطرح نفسها بإلحاح هو: هل ترغب “الدولة” حقاً بمشاركة الجماعة ممثلة بحزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات المقبلة، وهل تريد أن ترى ممثليها تحت قبة البرلمان الثامن عشر؟ رسمياً، لن تجيب الحكومة والناطقون باسمها بغير ما عهدنها من تصريحات ومواقف تتحدث عن “سيادة القانون” و”عدم الاستهداف” وغير ذلك ... أما عملياً، فلدى الحكومة وسائل عديدة أخرى، تجعل من قرار المشاركة “انتحاراً سياسياً” لا تقل خطورته وتداعياته عن قرار المقاطعة، ذلك إن هي أرادت بيد أنني أظن، وليس كل الظن إثم، أن الحكومة ليست بوارد قطع الطريق على مشاركة الحزب في الانتخابات والوصول إلى قبة البرلمان، سيما بعد أن ضمنت “بالقانون” عدم حصوله على كتلة برلمانية وازنة ... فقد تكون المشاركة المضبوطة و”المحسوبة” خياراً أفضل من خيار دفع الجماعة للمقاطعة والمقامرة بتلقي الاتهامات بتنظيم انتخابات “غير مكتملة النصاب والمقاييس والمواصفات”. ربما هنا، وهنا بالذات، تلتقي مصلحة الجماعة بالمشاركة مع مصلحة الحكومة بإنجاح الاستحقاق الانتخابي، وهي من المرات القليلة التي تلتقي فيها مصالح الفريقان عند نقطة واحدة، حتى لا نقول من المرات النادرة، الأمر الذي يدفع على الاعتقاد بأننا قد نكون أمام موسم انتخابي ساخن نسبياً، وموعدنا في العشرين من أيلول/ سبتمبر المقبل.

(الدستور 2016-06-16)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات