عين حمراء لا يخافها أحد

تم نشره الأحد 19 حزيران / يونيو 2016 12:37 صباحاً
عين حمراء لا يخافها أحد
ماهر ابو طير

يتجنب كثيرون الكلام عن اعتصام ذيبان وخيمته، وكأن مجرد الكلام تحريض على الثورة الدموية او الفوضى، لكن كل هذا السكوت، لن يمنع احدا من اثارة القضية، فوسائل التواصل الاجتماعي، مشغولة بالقصة، وهي تشكل الرأي العام في احد جوانبه. ما يمكن ان يقال هنا، اننا الاكثر ابداعا في العالم، على تصنيع القصص والمشاكل، فلماذا نميل الى تخليق مواجهات نحن في غنى عنها مع الناس، وقد كنا في الاساس نتحدث عن بضع الاف الوظائف لمناطق مثل مادبا، والطفيلة، فلم يتنازل احد ان يتجاوب، باعتبار ان التجاوب، فيه تنازل عن الكبرياء الوطني، فشهدنا بعد هذا العناد مشاكل كثيرة، مع اناس كل همهم ان يعيشوا، وان يسلم بلدهم ايضا، فقضيتهم فيها جانب شخصي، وهناك جانب وطني، اساسه الاعتراض على كثير مما يجري في البلد. في تقييمات قصة خيمة ذيبان، كلام كثير، اقله ان هدم الخيمة، وملاحقة المعتصمين، امر مرفوض، فمن فيها، لم يغلقوا شارعا، ولم يطلقوا رصاصة في ليل هذا البلد، هذا فوق ان الرأي العام يستذكر خيما اخرى، بعضها يصف نفسه بالرمضاني، وتشيع فيها الفواحش، وتتساقط فيها المطربات، فلا يتذكرها احد، بل تشتغل بكل صفاء، ولا يكدر صفو من فيها، احد، فهي عمل من اعمال رمضان، اما خيمة ذيبان فهي رجس من عمل الشيطان، ولا بد من ازالته. خلال سنين الربيع العربي، ولدت سوء الادارة، نتائج سلبية، اذ تم التصرف بتعسف مع اسماء كثيرة، بدلا من الوصول الى حلول وسطى معها، ولا تعرف لماذا نتفنن بتصنيع الاعداء، في بلد، تعد طبيعته الاجتماعية طيبة في الاساس، الى درجة التسامح بالدم، وحقوق الدم، ومثل هذه التركيبة الاجتماعية، يمكن التفاهم معها، فلا حقد في قلوب الناس، ولا احد يريد تخريب البلد، ولا احد عدو، مهما قلنا بحق بعضنا البعض، من اراء وتصنيفات، ساعة غضب او رضى. اذا قال لنا احدهم، ان خيمة المتعطلين عن العمل في ذيبان، مؤامرة دولية كبرى، تريد تدمير البلاد، فليقدم لنا الدليل، او ليكفوا عن التذاكي وتخوين كل من فتح فمه بكلمة، فكلنا نعرف ان القصة في اصلها وجذرها، ظروف اقتصادية صعبة تعصف بالناس، وتترك اثارا حادة على بيوتهم، فوق الاحساس بشيوع الفساد وغياب العدالة. لكن من جهة اخرى يحلل البعض الامر بطريقة مختلفة، فيقولون ان «العين الحمراء» المستجدة ليس سببها تذكر هيبة الدولة، ولا لان هؤلاء يرتكبون فاحشة سياسية ضد بلدهم، بل لان هناك قرارات اقتصادية غير شعبية مقبلة على الطريق، خلال الشهرين المقبلين، ويراد منذ اليوم، اطفاء اي شعلة اعتراض، عبر «التهويب» على اصحاب الرؤوس الصلبة والعنيدة. كل هذه معالجات خاطئة، ونحن نعاني من سوء ادارة للازمات، وللبلد، وليتذكر كثيرون ان خير وسيلة لعلاج كل هذه الاشكالات، هي العدالة، واسترضاء الناس، فهم ليسوا خوارج على وطنهم، واسترضاء الناس هي الوصفة الوحيدة القابلة لان تنجح، ومن يقل غير ذلك، يريد ان يزج بنا، في سيناريوهات سيئة، اذ مع الجوع والبطالة والشعور بالظلم، لا تبقى هناك فائدة، من العين الحمراء، بل لربما، تقدح حياتنا، وتزيدها توترا.

(الدستور 2016-06-19)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات