الورقة المحروقة للمعارضة الإيرانية
لم يستطع كل العرب، تحريك ايران من الداخل، لا سياسيا، ولا مذهبيا، وبرغم كل التمدد الايراني في المنطقة، ومناطق النفوذ التي يتم تأسيسها بوسائل كثيرة، نكتشف ببساطة ان كل العرب غير قادرين على التمدد داخل ايران، ولو من باب التوازن. الورقة الوحيدة المتاحة تحوي بندين فقط، اولهما مواجهة ايران داخل الدول العربية التي تتمدد فيها، كما نرى في سورية ولبنان والعراق واليمن، والبند الثاني يتحدث عن آمال للاستفاد من منظمة مجاهدي خلق، غير القادرة اساسا، حتى الان على التأثير على الداخل الايراني، مهما بلغت ادعاءات رموز المنظمة بكونهم قادرين على القيام بهذه المهمة وكالة عن العرب او العالم. لا أحد من العرب ايضا قادر على استثارة السنة التي يتباكون على انصارها، ولا تحريك الداخل الايراني وتثويره، ولا خلخلة المؤسسة الدينية او العسكرية او السياسية، فالواضح تماما اننا غير قادرين على نقل المعارك الى من يتم اعتبارهم خصوما، وفي الارجح، تدارالمعارك على اراضينا نحن، ولا امكانية لفتح معركة عبر الحدود مباشرة مع ايران. السبب في ذلك يعود الى ان البنية الايرانية على مافيها من هشاشة ونقاط ضعف، الا انها مغلقة جدا، ومسيطر عليها بشتى الوسائل، ولا مجال للنفاذ ببساطة عبر اي نقطة ضعف، هذا فوق ان وسائل العرب والعالم، تبدو ضعيفة هشة، لا تؤتي ثمارها، ولو كانت تؤتي ثمارها لأتت بنتائج منذ العام 1979 وحتى هذا اليوم. مناسبة الكلام ان مراهنة العرب على المعارضة الايرانية، من اجل خلخلة النظام الايراني، مراهنة بائسة، وقد تكون مجرد مراهنة سياسية شكلية، فالمعارضة الايرانية معروضة للايجار، وهي في المغتربات منذ عقود، تنتقل من حض الى اخر، وغير قادرة على تحريك الشارع الايراني، ولا الضغط على السلطة، بل ان بوابة النفاذ نحو ايران، وهي العراق على الاغلب مغلقة تماما في وجوههم، فيما الشارع الايراني على كل تحفظاته على سلطته، الا انه لم يقرر الانقلاب على النظام حتى الان، ولو قرر ذلك، فلن يكون كرمى لخاطر المعارضة الايرانية. اذا كان من حل للمواجهة مع ايران في المنطقة، فهي عبر احد سيناريوهين، الاول التصالح والتفاهم والتقاسم والاقرار بقوتها والوصول الى تسوية معها تنهي كل صراعات المنطقة، والثاني المواجهة الدموية العسكرية المفتوحة مع كل وكلاء ايران في المنطقة، بما تعنيه المواجهة من حرب كبرى وشاملة، ودمار على كل المستويات. اما ورقة المعارضة الايرانية، فهي ورقة محروقة، ولايمكن بعثها من الرماد، وقد جربت انظمة عربية سابقة، الاستثمار في المعارضة، فلم يؤد ذلك الى اي نتيجة، والاغلب ان طهران الرسمية تعرف ان كل انصار المعارضة الايرانية لايشكلون اي خطر عليها، بعد ان باتت تجمعا للهاربين ومنتقدي الحكم الديني، والمنفصلين عن الحياة في ايران منذ عقود. اذا كانت ايران الرسمية، شر في نظر الاقليم، فـإن المعارضة الايرانية اضعف بكثير من ان تكون دواء لهذا الشر.
(الدستور 2016-07-11)