شكري في تل أبيب.. التوقيت والدلالة
في توضيحاته المتعلقة بزيارة سامح شكري لتل أبيب، قال الناطق باسم الخارجية المصرية إنها “تأتي في توقيت هام، بعد الدعوة التي أطلقها الرئيس السيسى للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بأهمية التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية يحقق حلم إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، والسلام والأمن لإسرائيل، وعقب الزيارة التي قام بها وزير الخارجية إلى رام الله يوم 29 يونيو الماضي، وانعقاد المؤتمر الوزاري الخاص بعملية السلام فى باريس فى الثالث من يونيو، وصدور تقرير الرباعية الدولية، وسط جهود إقليمية ودولية تستهدف تشجيع الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي على استئناف المفاوضات، وتوجيه دفعة لعملية السلام من خلال إعادة وضع القضية الفلسطينية إلى بؤرة الاهتمام الدولي بعد فترة من الجمود”. ما لم يقله المتحدث باسم الخارجية المصرية هو أن الزيارة تأتي بعدما رد نتنياهو باستخفاف على المبادرة التي طرحها السيسي عبر تعيين المتطرف ليبرمان وزيرا للدفاع، وبعد رفضه للمبادرة الفرنسية التي دعمتها مصر والجامعة العربية، وبعد إصراره على مواصلة الاستيطان، وبعد تأكيده على أن القدس غير قابلة للمساومة، وبعد تقرير الرباعية الدولية المنحاز للكيان الصهيوني، وبعد جولة نتنياهو الإفريقية غير المسبوقة التي تمثل اختراقا إسرائيليا للقارة، بخاصة أنها شملت أربعا من دول حوض النيل في ظل فشل النظام المصري في حل معضلة سد النهضة الذي يهدد الأمن القومي لمصر. في ظل ذلك كله يحصل نتنياهو على مكافأة مجزية بزيارة وزير خارجية الشقيقة الكبرى لتل أبيب، والأسوأ لمقر الحكومة الصهيونية في القدس، وهو ما يرفضه الأمريكان والأوروبيون، وهي زيارة يتوقع مراقبون أن تعقبها زيارة من نتنياهو شخصيا إلى القاهرة، ما يطرح أسئلة كبيرة حول الخطوات التالية التي يمكنها توقعها عربيا ومصريا خلال المرحلة المقبلة. فلندع الكلام الدبلوماسي للناطق باسم الخارجية المصرية، ونوجّه سؤالا بسيطا حول عملية السلام الجديدة التي ستنطلق من وراء هذه الزيارة وما سيتبعها. هل يتوقع عاقل أن تؤدي إلى نتيجة؟ هل هناك من يصدق أن نتنياهو الذي يرفض حتى مجرد تجميد الاستيطان في المناطق المحتلة عام 67 يمكن أن يوافق على المبادرة العربية للسلام، وقد عرض عباس أقل منها، ولم يحصل على نتيجة ممن هو أقل من نتنياهو تطرفا، أعني أولمرت؟ وهل يمكن لنتنياهو أن يقدم للفلسطينيين عرضا أفضل مما عرضه باراك وكلينتون في كامب ديفيد صيف العام 2000؟ الإجابة هي لا قاطعة، وما لدى نتنياهو معروف ومحسوم، ألا وهو الاستمرار في برنامج الحل الانتقالي بعيد المدى الذي يسميه “السلام الاقتصادي”، والذي لا يعطي الفلسطينيين في نهاية المطاف سوى أقل من نصف الضفة الغربية (حدود الجدار) مع قطاع غزة، وبالطبع تحت لافتة “المؤقت” الذي يتحوّل إلى دائم بمرور الوقت. سقف نتنياهو في التسوية لا يقبل به أحد؛ لا فلسطينيا ولا عربيا رغم بؤس المواقف، والنتيجة أن ما سيجري هو عملية تفاوضية فقط لا غير، تفتح أبواب التطبيع مع دول عربية قد يحتج بعضها بمواجهة إيران، مع أن النظام المصري لا يبدو معنيا بتلك المواجهة، بقدر عنايته بالحصول على دعم نتنياهو في الأروقة الدولية، وربما وساطة منه مع إثيوبيا لتحسين شروط التعاطي مع قضية سد النهضة. أما على الأرض في فلسطين، فيمضي برنامج نتنياهو كما هو. هي مرحلة في غاية السوء، لكنها ستنجلي عاجلا أم آجلا، غير أن ذلك لا يعني أن على جماهير الأمة، وقواها الحية أن تسكت عليها، بل لا بد من مواجهتها بكل وسيلة ممكنة.
(الدستور 2016-07-12)