عيد ميلاد سعيد .. شكراً فيديل ..
لا اذكراسم السياسي أو الفيلسوف الذي قال ما معناه : « لا اعرف كيف سيكون حال العالم بعد الحرب العالمية الثالثة ، ولكني اعرف أن اسلحة الحرب العالمية الرابعة ستكون العصي والسكاكين « ..
تذكرت هذه العبارة وانا اتابع التطورات على الحدود بين روسيا واوكرانيا ، وبعد نشر أحدث الصواريخ والاسلحة الروسية في شبه جزيرة القرم ، حين كان المشهد يتهيأ لطقس آخر ، لولا حكمة القيادة في موسكو . في تلك اللحظة كان المشهد يشبه الى حد بعيد التطورات التي صاحبت ازمة الصورايخ الروسية في كوبا ، حين اقترب العالم من حرب كونية ، رغم وجود التوازن النووي الرادع .
الحقيقة ان الازمة ما انتهت ، والواقع المتوتر في تصاعد ، حيث يوظف حلف التاتو معظم الدول التي سقطت من السلة السوفياتية ، مع انهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي ، لفرض حصار على روسيا ، ونشر حزام صاروخي يحيط بالحدود الروسية باسلوب استفزازي ، ، وبالتالي تحويل هذه الدول ، التي تبالغ في عدائها لروسيا حكومة وشعبا ، الى طعم لجر موسكو الى مواجهة عسكرية ، او ابقاء حالة من التوترعلى حدودها ، وادامة الازمة الاوكرانيا التي تشكل تهديدا دائما لمن روسيا .
ولكن حسابات الحقل في الماضي هي غير حسابات بيدر الحاضر . واذا كان العالم سيتجنب حربا كونية جديدة ، بوجود اسلحة الرعب ، والتوازن النووي ، يجب حل المشكلات بالحوار السياسي والطرق السلمية ، كما تعهد الرئيس اوباما في برنامجه الانتخابي وخطاب التنصيب ، في بداية مشواره الرئاسي . وهو الحل الذي لجا اليه الرئيس كنيدي في حل أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا ، بعدما وصلت المواجهة الى ذروتها في اوكتوبر غام 1962، حين صار العالم على كف عفريت .
لا شك ان الرئيس اوباما قد تذكر ازمة الصواريخ الكوبية عندما زار هافانا في بداية جولته الاخيرة ، كأول رئيس اميركي يزور كوبا منذ بدء الحصار الاميركي الذي دام اكثر من نصف قرن ، على الرغم من ان الرئيس الاميركي كان في السنة الاولى من عمره في ذلك الوقت ، الا انه قرأ ملفها وتفاصيلها واسرارها ، لأنها لحظات تاريخية مهمة في ملف الصراع الدولي ، خصوصا أن احد ابطالها ما زال على قيد الحياة ، واعني الزعيم الكوبي الثوري الاممي فيديل كاسترو الذي احتقل بعيد ميلاده التسعين .
فيديل .. الذي تحول من بطل الى اسطورة بصموده امام اطول حصار في التاريخ ، وفي مواجهة عشرة رؤساء لأعظم واقوى دولة في العالم . هو الذي وعد شعبه بالنصر فحققه وعاشه ، يقول في مقالة له نشرها في جريدة الحزب أنه يلتزم ببرنامج خاص بالحمية الغذائية : لم افعل ذلك لاضيف سنوات الى عمري ، ولكن لاضيف انتاجية مفيدة للزمن الذي يمر بي « .
احتفل فيديل كاسترو بالتسعين ، وهو الذي تعرض لمحاولات اغتيال فاشلة اكثر من اي رئيس او زعيم في العالم ، لأن اصابع المرتزقة القتلة كانت ترتجف في اللحظات الحاسمة .
بانتصار الثورة ، وبناء الدولة وقدرتها على توفير التعليم المجاني لابنائها ، وأفضل الخدمات الصحية والعلاجية للجميع ، وصمود بلادهم في مواجهة الاعاصير العاتية ، وقدرتهم على كسر الحصار ، صار شعب كوبا قادرا على قرع باب الفرح والبهجة ، لذلك خرجت الجماهير لترسم مشهدها الخاص ، وتحتفل بعيد ميلاد آخر الفرسان ، سنديانة كوبا ، فاختاروا ساحتهم الخاصة في قلب هافانا ، امام السفارة الاميركية ، وانشدوا اغنية « عيد ميلاد سعيد « ورددوا نشيد « شكرا فيديل « .. وهو الذي في قلبه فرح وسلام بحجم كوبا .
(الرأي 2016-08-15)