هل يستطيع البنك المركزي تحفيز النمو؟
لا يقول برنامج الإصلاح الاقتصادي شيئاً عن كيفية رفع معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي. الصندوق يركز على عجز الموازنة وحجم المديونية باعتبار أن السيطرة على العجز والمديونية يوفر المناخ الملائم للنمو.
هذه الفرضية ليست صحيحة بالمطلق ، ذلك أن تخفيض العجز في الموازنة يعني تخفيض الإنفاق العام من جهة ، وزيادة الضرائب والرسوم من جهة أخرى ، وحتى لو كانت هذه الإجراءات ضرورية فإنها لا تحفز النمو بل على العكس.
الإصلاحات الهيكلية التي يدعـو إليها برنامج الصندوق هامة وضرورية ، ولكنها لا تتعلق بالنمو الاقتصادي إلا من بعيد وبشكل غير مباشر وغير جوهري.
النتيجة أن على الحكومة أن يكون لديها برنامج خاص حول تحفيز النمو غير رش المال على المشـاكل مما لم يعد ممكناً في ظل تخفيض عجز الموازنة ، وتثبيت أو تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي.
السياسة المالية واقعة تحت الضغط ، ولا يجوز أن يطلب منها الكثير ، لأنها مقيدة بنسب ومعادلات موقوته ، فلا بد من الميل باتجاه الجهاز المصرفي الذي يقوده البنك المركزي وتحت يده كتلة مالية هائلة.
الجهاز المصرفي قادر على تمويل النمو فيما إذا توفرت خطة وحوافز وربما معادلات واجبة التطبيق ، وبالتالي فإن الكرة قد تكون في ملعب البنك المركزي الذي أصبح مسؤولاً عن النمو ، فماذا في جعبته؟.
في وقت ما كان لدينا عائلة من مؤسسات إقراض متخصصة تحتل موقعاً فاعلاً ، كان هناك بنك إنماء صناعي لتمويل الصناعة والسياحة فحولناه إلى بنك إسلامي لسد فراغ غير موجود ، وكان لدينا بنك لتمويل الصادرات فانقلب بقدرة قادر إلى بنك تجاري. وكان لدينا بنك إسكان فتحول إلى بنك تجاري ، وكانت لدينا شركات مالية تحولت جميعها إلى بنوك تجارية.
البنوك ومؤسسات الإقراض المتخصصة خرجت من تحت عباءة البنك المركزي ، بالرغم من أن الإمكانيات كانت محدودة جداً ، أما وقد أصبحت الإمكانيات هائلة ، وتستطيع أن تصنع المعجزات ، فلا بد من تحريكها بحكمة.
وطالما أن البنك المركزي راغب في توسـيع نطاق المهمات المنوطة به ، كالتعامل مع الاستقرار المالي وشركات التأمين ، فلعل بالإمكان أن يأخذ على عاتقه مهمة تحفيز النمو الاقتصادي في ظل سيطرته على كتلة نقدية مصرفية تزيد عن 30 مليار دينار.
(الرأي 2016-09-05)