من الاقتراحات إلى السياسات
أغلب الظن أن توصيات مجلس السياسات الاقتصادية لم يكن إنتاجاً جماعياً خرج به الأعضاء ، بل مجموعة اقتراحات تقدم بكل واحد منها عضو في المجلس ولم يعترض عليها الآخرون. ولو كانت إنتاجاً جماعياً لكانت قد ركزت على الاتجاهات العامة وليس الإجراءات الجزئية.
جانب من أعضاء المجلس عاملون في السوق ، ولهم اعتراضات على بعض الإجراءات الحكومية فيما يتعلق بضرائب الدخل والمبيعات والجمارك ، والإجراءات المقررة لضبط هذه العناصر ، ومن هنا جاءت جميع الاقتراحات في هذا الباب على حساب الخزينة.
تحت هذا الباب يأتي إلغاء ضريبة الشهرة ، منح تخفيضات ضريبية على الاستثمارات في المشاريع ، خصم الاستثمار في الشركات الناشئة من الدخل الخاضع للضريبة ، معدلات موحدة ومخفضة للتعرفة الجمركية والضريبة العامة على المبيعات ، التخلي عن التدقيق الضريبي لصالح الامتثال الضريبي ، برامج (إعفاءات) لتحفيز المتخلفين عن دفع الضرائب وتخفيض تكلفة الامتثال الضريبي على الشركات الصغيرة والمتوسطة ، اعتماد الأساس النقدي بدلاً من الاستحقاق في محاسبة الشركات (بقصد تأجيل استحقاق الضريبة) ، إلى آخره مما يدخل في باب المطالب وليس الإصلاح الاقتصادي.
لا تخلو التوصيات من قدر من العموميات التي لا تعني الكثير على أرض الواقع مثل (تشجيع) شركات الطيران منخفضة التكاليف ، (تحفيز) الاندماج بين شركات التأمين ، (تحسين) الإجراءات وإعادة هندستها ، (التسريع) في إقرار التشريعات اللازمة ، (تسهيل) إجراءات تصفية الشركات ، (تفعيل) مواد القانون ، (تفعيل) عقوبات التهرب الضريبي ، (تمكين) تسجيل الشركات الافتراضية ، (تعديل) قانون الشركات ، (توسيع) إصدار الصكوك الإسلامية ، (تعزيز) برنامج إصدار سندات الإدخار ، (توعية) المغتربين بوجود الفرص الاستثمارية ، (الإسراع) في إقرار مشروع قانون.... إلى آخره.
لا داعي لصدور حزمة ثانية وثالثة من مثل هذه الاقتراحات بانتظار تقييم ما صدر حتى الآن ، ولكن ما زالت الحاجة قائمة لصياغة سياسات اقتصادية من شأنها حفز النمو وخلق فرص عمل ، ورفع الإنتاجية ، وتحسين التنافسية.
من الملفت للنظر أن ما صدر عن مجلس السياسات الاقتصادية لم يتطرق لقضايا جوهرية مثل عجز الموازنة العامة ، الدين العام ، اللجوء السوري ، الفقر ، البطالة ، الحساب الجاري لميزان المدفوعات ، مستوى المعيشة ، النظام الصحي ، النظام التعليمي ، برنامج صندوق النقد الدولي ، وما شابه ذلك من التحديات التي تتطلب سياسات معينة لمواجهتها.
(المصدر: الرأي 2016-09-19)