المفتاح بيدكم!
ما تزال شريحة اجتماعية واسعة تفضّل الاستسلام للإحباط وسلسلة الخيبات بدعوى أنّ التغيير غير ممكن وأنّ الخيارات محدودة، أو أن فرص التأثير في القرارات والنظام السياسي محدودة جداً، لكنّ هذه الشريحة نفسها لا تدرك أنّها هي نفسها وموقفها المحبَط والمحبِط أحد أهم أسباب الفشل في التغيير والإحباط والعجز عن الإصلاح السياسي.
نقابل في حياتنا اليومية عدداً كبيراً من الأشخاص، الذين يظهرون لا مبالاة وتجاهلاً للانتخابات النيابية، ولا يبذلون جهداً ولو قليلاً للتعرّف على القوائم الانتخابية وأفكار المرشّحين وبرامجهم، أو حتى شخصياتهم، وما يمكن أن يطرحوه تحت القبة غداً، وبدلاً من ذلك بمجرد أن يعثروا على أي نكتة أو صورة كاريكاتورية لأداء مرشحين أو حملة انتخابية تجدهم يروّجونها وكأنّها تختزل المشهد الانتخابي كاملاً!
تلك القناعات غير صحيّة، فمن يراقب أجواء الانتخابات في البلاد اليوم يشعر بأنّ هنالك مشهداً مختلفاً وألواناً متعددة وأصواتاً متنوعة، وأفكاراً جديدة مطروحة، فالخيارات ليست شحيحة أبداً، ويمكن بالفعل للكتلة المتذمّرة الممتدة إذا تحركت وتفاعلت مع المشهد أن تحدث فرقاً كبيراً في نوعية النواب، الذين يصلون إلى القبة ويمثلون مصالح المجتمع.
إذا كنتم قد سئمتم حقّاً من نوعية نواب العطاءات والمصالح الخاصة والصفقات الشخصية مع الحكومات، فهنالك فرصة لدى الشريحة الاجتماعية العريضة أن تجد من يتبنى مواقفها في التشريعات الضريبية والاقتصادية والعدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي والحريات العامة وحقوق الإنسان، وقضايا الشباب والتعليم والمخدرات، ومحاربة الفساد..الخ.
المشكلة في كثير من الأحيان في الكسل والاتكالية والسوداوية، وفي كثير من الأحيان حالة اللامبالاة لدى كثير من الناس تجاه الإصلاح السياسي والانتخابات النيابية بوصفها أحد أهم مفاتيح الإصلاح، بالرغم من أنّنا جميعاً نخضع للتشريعات التي يقرّها مجلس النواب، وبالرغم من أنّه هو نصيبنا المباشر – كمواطنين- اليوم في مراكز القرار والسلطة في البلاد، إلاّ أنّنا نحن من سيحكم على فرصة التغيير اليوم بالضياع في حال لم نقم باختيار من نعتقد أنّه سيكون ممثلاً أميناً لنا تحت القبة.
لا أسعى – في هذا المقال- إلى مساعدة مراكز القرار في رفع نسبة التصويت، وهذا بصراحة لا يعنيني، لكنني أريد أن أساعد المرشحين والقوائم التي تتبنى الإصلاح للحصول على أصوات "الأغلبية الصامتة" الحقيقية في المحافظات، وإحداث تغيير حتى لو كان جزئياً، لكنّه أفضل بكثير من المناخ المحبط الحالي، الذي ندفع نحن المواطنين ثمناً باهظاً له، بخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والقرارات القادمة المتوقعة بعد الانتخابات!
الذريعة بأنّ نوعية المرشحّين غير المقنعة لم تعد قائمة فعلاً، وأستطيع الآن أن أعدد لكم أسماء في كل المحافظات من المرشحين المثقفين القادرين على تقديم دور نوعي في مجلس النواب، وهنالك فئة من الشباب الذين دخلوا حلبة السباق، ويستحقون الدعم، وكذلك من النساء، بعد أن رأينا في المجلس السابق أن أداء أغلب النواب النساء كان أفضل من كثير من النواب الرجال.
في مقابل المحبطين نجد شريحة معتبرة من الشباب تجوب المقرات الانتخابية وتشاهد المناظرات والحملات وتقارن بين المرشحين والقوائم، كي تقرّر من تختار وتنتخب ليمثلها في الانتخابات، في كثير من المحافظات، بالرغم من أن استطلاعات الرأي تؤشر إلى أنّ أقل نسبة من الأعمار المشاركة في الانتخاب ستكون من فئة الشباب، لكن الفئة الفاعلة المذكورة بحد ذاتها ظاهرة إيجابية وجيدة.
فتشوا عن المرشحين الأقوياء الأكفاء الأمناء، واختاروا القوائم التي يمكن أن تمثلنا تحت قبة البرلمان، وتدافع عن حقوقنا، فهذا أفضل بكثير من أن نتباكى غداً على أداء مجلس نواب باهت!
(المصدر: الغد 2016-09-19)