السوريون العالقون في ثنائية النظام والمعارضة
ينقسم السوريون، وكذلك العرب، مابين مؤيد للنظام السوري، ومؤيد للمعارضة، بوجهيها العسكري والسياسي، والذين يؤيدون النظام يرون فيه لمحة مقدسة، اذ يعتبرونه سدا في وجه الاسرلة والصهيونية، فيما الذي يؤيدون المعارضة، يرون فيها ايضا لمحة مقدسة، اذ انها تحارب الطغيان، وتقدم الشهيد تلو الشهيد. بينهما يتعامى الجميع، عن الملف الاهم، ملف المدنيين في سوريا، اولئك الذين ضاعوا تحت اقدام محاربي النظام، واعضاء التنظيمات الوطنية، وتلك الاسلامية، ومعها ايضا الموصوفة بالتطرف، فلا احد يتحدث عن تحول المدنيين الى مجرد وقود في هذه المحرقة. للمفارقة هناك حقائق غائبة، فالمعارضة التي تقصف حيا فيه افراد من الجيش السوري، تقتل معهم مدنيين ابرياء، لاحول لهم ولاقوة، والجيش السوري الذي يقصف احياء فيها تنظيمات مختلفة، يقتل سوريين مدنيين ابرياء ايضا، فالابرياء هنا، في كل مكان، من المدنيين، يتم قتلهم، والنيل منهم، تحت عناوين مختلفة. لو سألنا اغلب السوريين اليوم فسيقولون لك كلاما مختلفا، مابين الذي يقف مع المعارضة، وذاك الذي يريد النظام، لكن الطرفين يشتركان بنقطة واحدة، حقهما في الحياة، واقرارهما ان المدنيين السوريين الابرياء، تم طحنهم في هذه الطاحونة، دون ان يكون لهم علاقة، لا بالتنظيمات، ولا بالنظام، وهذه هي الاغلبية الغائبة التي لايتحدث عنها احد في سوريا. هذا يأخذنا الى النقطة الاخطر، اذ ان المنتصر في هذه الحرب خاسر في كل الاحوال، وسواء بقيت سوريا موحدة، او باتت مقسمة، او بقيت في عهدة النظام، او حكمها نظام جديد، او نظام معدل جينيا، بحيث يكون مسخا مختلطا مابين بنية النظام وقشرة من خارج النظام، وهذا المنتصر سوف يحكم فوق كومة خراب، وسنراه جالسا فوق مدن مهدمة، واقتصاد منهار، وبيئة غارقة بالكراهية والشكوك والثأر، فمن هو المنتصر حقا؟!. يقال هذه المرة، ان الرابح شكلا قد يكون اي طرف، لكنه من جهة اخرى خاسر، سوف يحكم الشعب السوري، الذي خسر كل شيء، ولايمكن بيعه اوهام اعادة الاعمار، ولا استرداد النظام لسوريا، ولا فوز المعارضة بهذه الغنيمة التي تم تقطيعها. وحدهم ابناء سوريا العاديين، من تجار وفلاحين ومتعلمين،فقراء وعمال، وحدهم خسروا كل شيء، والادهى والامر انه يتم الضحك عليهم، بفرزهم الى مجموعتين، واحدة مع النظام والثانية ضد النظام، لكن لا احد يسأل عنهم بمعزل عن العنوانين، وعلينا ان نقر اليوم، ان المدنيين وحدهم يدفعون ثمن هذا الموت، من كل الاتجاهات والملل والاعراق، وحدهم المدنيين.
(المصدر: الدستور 2016-09-21 )