دمعة من الرئيس
بلا شك ابدا، أن السلطة الوطنية الفلسطينية باتت على عداء مع الشعب الفلسطيني، والادلة على ذلك كثيرة، اقلها التكامل الامني مع الاحتلال، وخدمته، وصولا الى ما رأيناه من التعزية بشمعون بيريز، وهذه السلطة، لم تعد تمتلك اي شرعية، فلا الاتكاء على قصص فتح في الستينيات وغيرها، كافية، امام حجم الاستنزاف الهائل لكل رصيد الشرفاء الذين صدقوا هذه الثورة يوما ما.
كيف يجرؤ محمود عباس على الذهاب للعزاء، وهو يعرف ان هذا الطرف قتل من شعبه مئات الالاف، ومالذي كان يضيره لو غاب عن العزاء، ثم لماذا هذه المبالغة في اظهار الحزن، وذرف الدموع، وكأن الفقيد من ابناء رام الله او القدس، وهم بالمناسبة لا يحصلون على دمعة من الرئيس؟!.
بالنسبة لكثرة باتوا متأكدين ان دور السلطة، تبريد المشاعر الوطنية، تحويلها الى مجرد سمن مجمد بارد، يريدون شعبا بلا حرارة، بلا احساس، لا يغار ولا يتحرك، متبلدا، والذهاب للعزاء يحقق هذه الغاية، فالرئيس يضرب في بنية وجدان الشعب الفلسطيني، ويقول لهم، هذا الذي وصلتم اليه، فلماذا تضحون باولادكم، ولماذا تنتظرون فرجا من حرب او انتفاضة او سلام؟!.
ثم يأتيك البعض ليقفز في وجوهنا، مثل شيطان هارب ، فيقول ان النبي صلى الله عليه وسلم لو كان موجودا، لشارك في الجنازة وعزى ببيريز، وتشعر بصعقة، على قدرتهم على الصهينة هنا، فحتى النبي زجوا به في اهوائهم، لكنك تقول بينك وبين نفسك، ان النبي لو كان موجودا، لما كانت اسرائيل موجودة، ولا عباس، ولا هذا الذي يتجرأ على اسم النبي وينطق باسمه، معتبرا ان معه وكالة تبيح له هذا الامر، بل واتهام النبي انه سيشارك في جنازة قاتل ومحتل.
ما يمكن قوله ببساطة، ما قيل مرارا، فالسلطة الوطنية مجرد وجه للاحتلال، تدير مصالحه في الضفة الغربية، وهي لا تمنع الاستيطان، ولا سرقة الارض في القدس، بمعنى ان دورها شكلي، يتعلق فقط، بسجن اي مقاوم، وملاحقة النشطاء، حتى يتسنى لاسرائيل اكمال مشروعها، وهذا هو الدور الوظيفي.
عباس في ذهابه للتعزية، باع دم الفلسطينيين، وهذا ليس جديدا، فالذين قبله، ايضا، ممن اعترفوا بثلاثة ارباع فلسطين لليهود، باعوا فلسطين ايضا، وقد آن الاوان ان تتم مراجعة كل قصة الثورة الفلسطينية، ومافيها، من بطولات واختراقات، هزائم وانتصارات، ماحققته لفلسطين، وماحققته للعدو بعلم او جهل، لقد آن الاوان ان يصحو الناس امام هذا المشهد المؤلم جدا.
لم يذهب عباس، لمجرد البروتوكول.كان فعليا يطلق النار على وجدان الفلسطينيين.
(الدستور 2016-10-02)