مهمات الفريق الاقتصادي
لعل أصعب مهمة تواجه الفريق الاقتصادي الوزاري هذه السنة هي تحقيق نمو اقتصادي حقيقي. بدون النمو لا معنى للحديث عن مكافحة البطالة والفقر ورفع مستوى المعيشة.
تقديرات المؤسسات الدولية للنموالاقتصادي في الأردن هذه السنة تتراوح بين 2% كحد أدنى و3% كحد أقصى. اي أن هناك إجماعاً بين المحللين والمراقبين على أن الاقتصاد الأردني سيحقق نمواً إيجابياً هذه السنة ، وبالتالي فالمشكلة محلولة.
يبدو ظاهرياً على الاقل أن مهمة الحكومة لم تعد صعبة طالما أن الحد الادنى من النمو سوف يتحقق تلقائياً ، ولكن هذا ليس صحيحاً ، ذلك أن معظم التقديرات المشار إليها أعلاه تميل إلى التفاؤل المفرط اعتماداً على الأرقام والجداول التي خرج بها صندوق النقد الدولي.
من حقنا أن نسأل: لماذا يتحقق تلقائياً نمو اقتصادي إيجابي إذا كانت القطاعات الرئيسية المسؤولة عن النمو في حالة حرجة ، فالصادرات تتراجع ، ومقبوضات السياحة تنخفض ، وحوالات المغتربين تتراجع ، والمنح الخارجية تقل ، وتدفقات الاستثمارات الواردة ليست على ما يرام ، وحالة عدم التيقن قائمة.
هذه الصعوبات لا تخفى على الفريق الاقتصادي ، ومن هنا يدرك أن مهمة تحقيق نمو إيجابي هذه السنة هي في الواقع مهمة صعبة حتى لا نقول مستحيلة.
لا يستطيع الفريق الاقتصادي أن يفعل الكثير لزيادة حجم الصادرات الوطنية ، أو اجتذاب المزيد من الحركة السياحية ، أو زيادة حوالات المغتربين ، أو استقطاب الاستثمارات العربية والأجنبية أو إقناع الدول المانحة بزيادة دعمها لتمكين الأردن من مواجهة أعباء اللجوء السوري الذي زاد الطين بله.
معظم وسائل تحفيز النمو التقليدية جرى توظيفها بل بولغ فيها ، فقد تم اتباع سياسة التوسع النقدي والطلب من البنك المركزي توفير التمويل للمشاريع المختلفة ، مما وصل إلى حد يهدد الاستقرار النقدي.
حتى الآن طرحنا مشاكل وتحديات ولم نقدم حلولاً ، ذلك أننا نعتقد أن تحقيق نمو اقتصادي كبير في الظروف الراهنة ، ليس هدفاً واقعياً ، فالاولوية في هذه الظروف يجب أن تتركز على حماية الاستقرار الاقتصادي ووقف التراجع.
المهمة العملية التي نرجو أن تتصدى لها الحكومة في الظروف الراهنة هي عملية الإصلاح الهيكلي ، في مجالات الإدارة والتشريع ، إدارة الموازنة العامة والدين العام ، أداء القطاعات المختلفة وخاصة التعليم والصحة.
بعبارة أخرى فإن المرحلة الراهنة لا تعطي الأولوية للكم بل للكيف: كفاءة ، إنتاجية ، استقرار ، مما يعتبر استثماراً ينعكس على النمو المستقبلي.
(الرأي2016-10-05)