عن محمود عباس.. وأيمن عودة!
مشهور... الرئيس محمود عباس، فهو يتصدر العناوين منذ الثامن والعشرين من ايلول، بما هو اليوم الذي مات فيه نبي السلام المُزيّف شمعون بيرس, وقرار رئيس السلطة حضور جنازته, على نحو اثار الكثير من الجدل والسجالات التي لم تنته, بل ثمة من لا يزال يتساءل باستنكار واستغراب دفاعاً عن عباس: لماذا الحملة على عباس؟، فيما يتجاهل هؤلاء... حقيقة ان الغضب على خطوة عباس, غير المُبرّرة سياسياً واخلاقياً ولا حتى انسانياً ووطنياً, هو ان غالبية الشعب الفلسطيني رفضت هذه المشاركة, واعتبرتها مكافأة وصفحاً عن قاتل وغاصب ومجرم حرب, من مُمثِل الضحية, الشعب.. الذي ما يزال يدفع ثمن جرائم اسرائيل وارتكاباتها.. الفاشية والاستيطانية.
كذلك.. فإن عباس,بقي في دائرة الضوء.. بعد مرور اسبوعين على رحيل بيرس، كون الحديث عاد «يتجدّد» عن مسألة «وراثته» التي تشغل – في ما يبدو وفي ما يُكتب ويُسرّب – دوائر دولية وخصوصاً اقليمية (اقرأ عربية) خصوصاً بعد «الوعكة» الصِحية التي المّت به واستدعت اجراء عملية قسطرة له, قال بعدها هو نفسه (دع عنك بطانته) انه... «تمام». ما يُوْقِف تواصل الشائعات عن تدهور صحته, وهي أمور لم يتم نفيها او تأكيدها من مصادر طبية، ما يعني بقاء الرجل في دائرة الشك حول عدم لياقته الصحية بعد ان اتم الثانية والثمانين من عمره. بصرف النظر عمّا إذا كان اسم «الوريث» قد تمت الاضاءة عليه مؤخراً, ليغدو.. ناصر القدوة بديلاً (ولو.. مرحلياً), عن محمد دحلان الذي يبقى «الجوكر» الى أمد غير منظور، في انتظار مُستجِّدات او تطورات دراماتيكية اقليمية, تفرض ايقاعها على المشهد الفلسطيني وتأتي بدحلان زعيماً مُتوَّجاً ومطلوباً لشعب منكوب, بات «يُبْحَثُ» له عن زعيم من إختيارِه الديمقراطي.. هو, وكأننا في عصر عزّت فيه مواصفات الزعماء الوطنيين, الذي ما يزال ينتظرهم بصبر وتضحية وصمود, لاخراجه من راهنه... البائس.
ما علينا..
هذا عن عباس... الذي ما تزال تداعيات مشاركته في جنازة بيرس (كذلك حاله الصحية) تتوالى في جنبات المشهدين الفلسطيني وخصوصاً الاسرائيلي، لكن لماذا.. ايمن عودة؟
أيمن عودة – لمن لا يعرفه – هو رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست، والتي تأتي في المرتبة الثالثة بعدد اعضائها (13 نائباً) بعد المعسكر الصهيوني (24 مقعداً) والليكود (30 مقعداً), حيث افشلت الاحزاب والقوى الفلسطينية داخل الخط الاخضر «مؤامرة» قانون رفع نسبة الحسم من 2% الى 25ر3% الذي صوتت له كل الاحزاب الصهيونية, للحؤول دون وجود أي «حزب» عربي داخل الكنيست على قاعدة ان «عرب اسرائيل» غير قادرين على «التوحُّد» في قائمة واحدة فجاءت المفاجأة... ليس فقط في انضمام كل الطيف الحزبي التعددي الفلسطيني في القائمة المشتركة, بل وايضاً في عدد المقاعد التي تحصّلت عليها القائمة. أما الاكثر مدعاة للفخر والاعتزاز (الحقيقي.. بعيداً عن العواطف والاستنسابية) هو ان القائمة المشتركة.. ما تزال صامدة ومُوحّدة رغم ما مرّ عليها من احداث واختلافات في وجهات النظر والقراءات ازاء الاحداث المتسارعة داخل اسرائيل وفي «مناطق» سلطة اوسلو وخصوصاً في العواصف التي ما تزال تفتك بالمنطقة العربية.
أيمن عودة «هذا» يتعرض لحملة شعواء وضارية من قبل الاحزاب الصهيونية الفاشية وتلك المُتديِّنة بل والعلمانية التي «تشيطنه» وتُحرّض عليه (وطبعاً على باقي مكونات القائمة, وخصوصاً الجبهة التقدمية للسلام/ الحزب الشيوعي) فقط لأنه/هم، لم يشاركوا في جنازة بيرس، رأى فيها كل هؤلاء العنصريين والفاشيين.. مثابة تشجيع على عدم «اندماج» عرب اسرائيل في النسيج الاسرائيلي وادارة ظهورهم لمحاولات مساعدة «الوسط العربي» والنهوض بخدماته وبنياته التحتية,على ما كان وعدت حكومة نتنياهو تخصيص 15 مليار شيكل (الشيكل يساوي 20 قرشاً اردنياً)، لكنها وضعت شروطاً تعجيزية وخصوصاً في الجانب الهيكلي (الاراضي)وخصوصاً السياسي, ما جعل من تلك الوعود «سراباً» على ما دأبت الدولة الصهيونية بذله لـِ (عرب اسرائيل).
أيمن عودة... اخيراً, ظَهَرَ في خلال موجة التحريض التي طالته واعضاء القائمة المشتركة, على «نشرات السبت» في القناةالعبرية «الثانية» وفي مواجهة المذيعين وانتقاداتهم اللاذعة عَرَضَ الرواية المُضادة (على ما وصفتها اسرة صحيفة هاآرتس في الخامس من الشهر الجاري): ذكرى النكبة، مذبحة كفرقاسم، شهداء تشرين الاول عام 2000، ممن تم في 1/10 الحالي, إحياء ذكراهم.. في الجليل ووادي عارة.
فهل شارك في هذه «المناسبات» اي مندوب من «الاغلبية اليهودية»؟ بل هذه الأحداث و»الذكريات» لا تُغَطّى في نشرات الاخبار. قال ايمن عودة لمحاوريه الهائجين الذين ارادوا حشره.. في الزاوية.
هنا والآن..تكمن «قواعد اللعبة» في الصراع مع المشروع الصهيوني في المنطقة، او كما قالت افتتاحية صحيفة هاآرتس: «.. لقد حقّقت مقاطعة الجنازة هدفها: وضعت الرواية المضادة للاقلية «العربية» في مركز الساحة الاعلامية والعامة، مسنودة بالقوة البرلمانية للكتلة الثالثة في الكنيست».
فهل يدرك «البعض» الآن.. الفارق الكبير بين «مشاركة» عباس و»مقاطعة» ايمن عودة والقائمة المشتركة لجنازة المستوطن البولندي بيرس؟ أم ان المطلوب من الفلسطينيين «تصديق» ما قاله رجل رئيس السلطة, محمود الهباش: من ان»الجماعة» التي أَمَرَ «النبي»بـِـ»اتِباعِها» هي.. منظمة التحرير..وعباس؟
(الرأي2016-10-09)