أبو غاصب والجزازة
لا نملك مع الاستقبال غير المسبوق للباشا أبي غاصب محمود فريحات في كفرنجة، إلاّ أن نعقد مقارنات مع التجاهل الذي يقابله الغالبية الغالبة من المسؤولين عند تعيينهم، وأن نثير التساؤلات حول الأسباب التي تجعل الناس يفرحون لشخص، ويتعاملون بفتور مع تعيين شخص آخر.
المألوف عندنا أنّ الموظف الذي يخرج من قريته أو مدينته إلى عمّان، ويوفقه الله في التدرج الوظيفي أو النيابي أو في العمل الخاص، أن ينسى مكانه الأول، وأقرباءه وجيرانه، فتصبح العاصمة دائرة حركته الوحيدة، ولكنّ مسيرة أبي غاصب كانت على العكس من ذلك تماماً، فظلّت الجزازة منزله وحبّه الأولين.
والجزازة قرية وادعة، هانئة، على كتف واحد من جبال غابة دبين، حيث الطبيعة الفاتنة في سحرها، ولكنّ ما جرى للكثير من القرى الأردنية حيث انعدام سياسات ومشروعات التنمية حدث فيها، فغادرها الكثير من شبابها سعياً لفتح أبواب الرزق، فلا يمكن لأراضيها المحدودة أن تستوعب المهنتين التقليديتين: الزراعة وتربية المواشي.
الباشا محمود الفريحات ابن الجزازة؛ ففيها وُلد، وفيها بيته، ودُفن والده في ترابها قبل أشهر قليلة، لتتحوّل القرية إلى مقصد الآلاف من المعزين، وهذا كان قبل تعيينه قائداً للجيش ورئيساً لهيئة الأركان، ولأنّني أسكن على أطراف القرية منذ خمس عشرة سنة، وتربطني بأهلها علاقات حميمة، أعرف ماذا قدّم الرجل لشباب مختلف القُرى المجاورة وغيرها في أنحاء الأردن، فقد انحاز للذين همّشتهم سياسات الدولة المركزية، وعاصمتها عمّان.
عشرة آلاف شخص على الأقل كانوا في استقبال أبي غاصب في كفرنجة والجزازة، وجاؤوا في حافلات من مختلف أنحاء البلاد، ليعبّروا عن عرفانهم وامتنانهم للرجل، وليقولوا لجلالة الملك: شكراً كبيرة على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
(السبيل2016-10-09)