بين الموازنة والبرنامج
يغطي برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي ثلاث سنوات ونصف ، تشمل النصف الثاني من هذه السنة 2016 ، والسنوات الثلاث القادمة 2017-2019.
وفي البرنامج مجموعة متكاملة من الجداول والأرقام والنسب المئوية ، تجسد ما يمكن أن يحدث (أو ما يجب أن يحدث) خلال هذه الفترة ، مما يمكن أن يعتبر توقعات ، ولكنه إلى جانب ذلك أهداف مشروطة بالالتزام بالبرنامج ، يفترض أنها عملية وقابلة للتحقيق.
مشروع خطاب الموازنة الذي تعد وزارة المالية مسودته ، واستعمل جزء منه في بلاغ رئيس الوزراء لإعداد الموازنة المركزية وموازنات الوحدات الحكومية المستقلة ، هذا المشروع جاء مطابقاً للبرنامج ، سواء من حيث أرقام الموازنة أو الفرضيات الاقتصادية التي يفترض أن أرقـام الموازنة بنيت على أساسها ، مثل نسب النمو الاقتصادي ، ومعدل التضخم ، وحجم العجز ، وزيادة الصادرات والمستوردات ، وعجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات ، إلى آخر هذه المؤشرات.
لم يكن أمام وزارة المالية خيار ، فلو جاءت بأرقام تختلف عن أرقام وتوقعات وأهداف البرنامج فإن ذلك سيعتبر خروجاً منها على البرنامج مع سبق الإصرار وفي سنته الأولى.
الفرضيات التي تقول وزارة المالية أنها بنت الموازنة على أساسها لم تكن محل اجتهاد ، فهي مطابقة للفرضيات الواردة في البرنامج ، مع العلم بأن تأثير هذه الفرضيات على أرقام الموازنة محدود ، فلن يكون هناك فرق يذكر في أرقام الإيرادات أو النفقات حول ما إذا كانت نسبة النمو الاقتصادي 8ر2% أو 3ر3% ، ولا علاقة للفرضيات الاقتصادية بما يتحقق من منح خارجية أو نفقات رأسمالية ، وليس هناك تاثير على الموازنة لأن عجز الحساب الجاري كان أكثر أو أقل قليلاً من 10% من الناتج المحلي الإجمالي وهكذا.
وزارة المالية قامت بدور أساسي فاعل في مرحلة التفاوض مع صندوق النقد الدولي ، وبالتالي أسهمت في مناقشة وتحديد الفرضيات والنتائج ، ومن الطبيعي ان تلتزم بها.
في ضوء هذا الواقع فإن نجاح أو فشل برنامج الإصلاح الاقتصادي سوف يتقرر إلى حد بعيد في وزارة المالية على ضوء نجاح أو فشل الوزارة في تطبيق الموازنة العامة وتحقيق النتائج المستهدفة.
بذلك تكون وزارة المالية قد اكتسبت أهمية خاصة ، باعتبارها المرآة التي تعكس عوامل النجاح والفشل في عملية الإصلاح الاقتصادي برمتها.
(الرأي2016-10-12)