أحاول اليوم ان أتفلسف !

تم نشره الإثنين 31st تشرين الأوّل / أكتوبر 2016 12:12 صباحاً
أحاول اليوم ان أتفلسف !
محمد كعوش

اتحدث اليوم عن الفلسفة بمناسبة ... احد الفلاسفة القدامى قال : اذا اردت ان تفهمني اكثر علينا أن نتبادل حوارا عقلانيا ..

علمت من صديق ، أنه لا يوجد في الجامعات الرسمية والخاصة كليات تدرس مادة الفلسفة باستثناء الجامعة الاردنية . أنقل الخبر على ذمة الراوي ، فانا غير متاكد من هذه المعلومة التي اشعرتني بالدهشة والأستغراب ، والتي قادتني للاستعانة بمنهج الفيلسوف الفرنسي بيير ابيلارد القائل : « بالشك نصل الى التساؤل ، وبالتساؤل نصل الى الحقيقة «.

لذلك أسأل واتساءل وأكتب عن معنى عدم وجود كليات خاصة لتدريس مادة الفلسفة ، اذا كانت المعلومة صحيحة ؟! . هل هي مصادفة ام عملية مقصودة عن سابق تصميم وقصد وقرار !! لأن هذه القضية تعيدنا الى النهج الاوروبي المتبع في القرون الوسطى ، ففي ذلك الزمن المظلم تم منع تدريس الفلسفة ، وفرض حظرعلى ادخال كتب ارسطو الى اوروبا أو تدريس نظرياته في العصر الظلامي .

هذه المسالة مطروحة للنقاش بهدف التوصل الى الحقيقة ، بانتظار رأي من يعرف ويزيدنا علما ، ويكشف لنا السبب ، لأن مادة الفلسفة هي البحث عن الحقيقة عبر التفكير العقلاني ، وكلمة فيلسوف باللغة الأغريفية تعني « الباحث عن الحقيقة « . والفلسفة مرتبطة بمجموعة القواعد التي تنظم حياة الأنسان ، كما أن هذا العلم مرتبط بمعظم العلوم ، وهدفه الرئيس هو البحث عن اجوبة لأسئلة كثيرة ، وتفسير وشرح ظواهر طبيعية وانسانية عديدة .

ومنذ ظهور الفلسفة وانتشارها في بلاد الأغريق على ايدي طاليس وسقراط وارسطو وافلاطون والسفسطائيين ، اصبحت اثينا عاصمة للعلوم والثقافة في ذلك العالم القديم . وفي هذه الأجواء بدأ شكل من اشكال الديمقراطية قي الظهور في مجتمعات مستنيرة أتقن ناسها القدرة على الحوار ، لقناعة الفلاسفة أن الانسان هو ابن البيئة والمعرفة ، والعرفة الفلسفية تحدث تحولا حاسما في المجتمعات .

وفي الوقت الذي كانت فيه اوروبا غارقة في جهلها ( لا تفك الحرف ) ، كانت بلاد العرب والمسلمين هي مصدر المعرفة ، وكان علماؤنا هم الذين نقلوا الى الشعوب الاوروبية المعرفة والفلسفة والعلوم ، خصوصا من مصدرها الزاهر في الأندلس قبل الف عام . ويعرف المستشرقون والمثقفون والمؤرخون في اوروبا أنه بعد سقوط الأندلس تهافت طلاب العلم والمعرفة الى قرطبة وغرناطة وتوليدو واشبيلية وغيرها من المدن الأندلسية منابع المعرفة ، حيث ضمت المكتبة العامة في قرطبة وحدها على 400 ألف كتاب ومخطوطة ، وحسب شهادة الكاتب البريطاني جيمس بيرك ، هذا العدد فاق كل ما ملكته فرنسا من الكتب في ذلك العصر.

والحقيقة الاخرى ، والتي لا ينكرها الاوروبيون ،هي أن العلماء العرب والمسلمين هم الذين نقلوا علم الفلسفة والثقافة الغريقية الى اوروبا ، عبر النصوص المترجمة . والفضل الأول ينتسب لموسوعة الشفاء لأبن سينا التي كانت اول موسوعة علمية تقدم أفكار ارسطو ، كما أن نصوص ابن رشد وشروحاته وتعليقاته حول نظرية ارسطو في المذهب الطبيعي والمنطق الجدلي هي التي ساعدت الاوروبيين على فهم هذه الموضوعات الفلسفية المتقدمة . واذكر هنا أن الفيلسوف والمفكر الفرنسي بيير ابيلارد تأثر في بهذه المعرفة ، وكان أول من طبق المنهج الجدلي في كتابه « نعم ولا» أي ( الرأي والرأي الآخر ) ، وهوالكتاب الذي أحدث ثورة في ذلك الزمن ، وهو حصاد الأعمال المترجمة عن نصوص عربية لمؤلفات فلسفية وعلمية يونانية قديمة .

اخيرا اريد القول ان الفلسفة بمفهومها الحديث هي مادة علمية متشعبة متشابكة مع كل العلوم ، والأهم انها تشكل اسلوبا في التفكير والبحث عن الحقيقة . وللفلسفة الفضل في التنوير والتغيير والتقدم الحضاري الثقافي العلمي ، كما ان ويجب أن لا ننسى ان فكر الفلاسفة كان بمثابة الوحي المحرك للثورات الكبرى في العالم ، وبالتالي ارى ان فكر الفلاسفة وراء كل الحضارات ، لذلك الفلسفة تستحق التدريس والاهتمام الأكبر..أليس كذلك ؟.

(الراي2016-10-31)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات