إصلاح التعليم أهم من الجدل القائم

تم نشره الأربعاء 09 تشرين الثّاني / نوفمبر 2016 12:54 صباحاً
إصلاح التعليم أهم من الجدل القائم
مروان المعشر

قد لا يختلف اثنان أن نوعية التعليم الأساسي والجامعي في الأردن قد انحدرت بشكل ملحوظ خلال العقود الماضية، وذلك لأن فلسفة التعليم بشكل عام كما طريقة التدريس ونوعية المناهج في مدارسنا اعتمدت الأسلوب التلقيني إلى أبعد الحدود، كما اعتمدت، خاصة في المناهج الإنسانية، أسلوب الحفظ الذي يعتمد على نص معين دون إفساح المجال للطالب الاطلاع على نصوص أخرى أو مناقشة المعلم او المعلمة فيما يدرس. كما ما يزال التعليم يأخذ منحى واحدا، من المعلم للطالب، وهو أسلوب بات قديما جدا لا يحاكي العصر ولا يسمح بالمناقشة وقد انسحب ذلك على معظم جامعاتنا، فأصبحت امتدادا للمدرسة بدلا من أن توفر مناخا أكاديميا حرا يسمح للطالب أو الطالبة بالتمحيص والبحث وطرح الأسئلة النقدية والبحث عن المعرفة لا تلقنها.

غني عن القول أيضا أن الانتقال من النظام الريعي إلى النظام الاقتصادي الانتاجي الذي يسمح بخلق وظائف حقيقية في القطاع الخاص لتخفيف العبء اللامعقول على الحكومة يتطلب نظاما تعليميا جديدا يخلق أجيالا مبدعة تتعلم التفكير الحر وكيفية حل المشاكل. وفي حين أن مشكلة البطالة لها أسباب عدة، لا يستطيع أن ينكر أحد دور التعليم في تهيئة الأجيال القادمة لمجاراة احتياجات السوق والابتكار والإبداع.

ما نشهده اليوم من جدل حول المناهج ظاهرة صحية لأنه سلط الضوء على مشكلة نعاني منها ولكن لم يرد الكثيرون في الماضي التحدث عنها. ولكن للأسف، فقد اتخذ النقاش حولها منحى ضيقا يتعلق أغلبه بموضوع الدين، وحذف بعض الآيات القرآنية من النصوص أو ملاءمة تضمين بعضها في هذه النصوص. وقد ساعد في ذلك تعديلات مجتزأة من قبل وزارة التربية والتعليم تركز معظمها على هذه المواضيع بدلا من تعديلات تتناول فلسفة التربية بشكل عام، ومن ثم ادخال قيم إيجابية عديدة تغيب عن النصوص اليوم بشكل واضح. وتم تصوير كل من يطالب بتعديلات في المناهج وكأنه وكأنها ضد الدين. وتم تحشيد نفس الطلاب الذين يعانون من النظام الحالي و سيلحق معظمهم بصفوف العاطلين من العمل بسببه لحرق الكتب والمطالبة على ابقاء المناهج كما هي.

الجدل الحالي سيبقى عقيما إن لم يتناول الصورة الكبيرة، وإن لم يؤد الى تعديلات اكبر وأعمق مما تم حاليا، وهو جهد لا بد من اشراك فئات عديدة مثقفة من المجتمع فيه وعدم اقتصاره على وزارة التربية والتعليم، كما هو الحال في كافة المجتمعات التي تمكنت من إحداث اختراق إيجابي واضح في نظمها التربوية. ولا بد أن تتضمن النظم الجديدة قيما عديدة منها:

1. التفكير النقدي الذي يتيح للطالب عدم قبول ما يدرس له وكأنه من المسلمات، بل يسمح بالتمحيص والسؤال واستقصاء آراء اخرى والنقاش مع المدرس والاطلاع على نصوص اخرى مخالفة وتعلم منهجية التفكير.

2. احترام الاّراء الاخرى وتعلم أن الحقائق في هذا العالم غالبا ما تكون نسبية وليست مطلقة، وإدراك أن الناس في هذا الكون مختلفون، وأن في الاختلاف قوة ومنعة ودفعا باتجاه التجديد المستمر، وأن الإبداع لا يأتي إلا من خلال قبول التعددية في الفكر ونمط الحياة، أما الإصرار على احادية الفكر والتصرف فهو عنوان الخمول والتقوقع في عالم متغير باستمرار.

3. تعزيز قيم التسامح والتعددية والمواطنة المتساوية الحاضنة للتنوع، وأن الآخر في الوطن ليس عدوا بل شريكا في كل شيء، لأن الإيمان بالمواطنة المتساوية وحده ما يسمح للناس بالعمل معا لإعلاء الوطن، ولا يؤدي الى التطرّف الديني أو العرقي أو الجندري.

هذه هي التعديلات المطلوب النظر فيها، أما معظم الجدل الحالي فسيبقينا في دائرة مغلقة ولن ينتج حلولا.

(الغد2016-11-09)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات