قراءة في البيان الوزاري
البيان الطويل الذي أدلى به رئيس الوزراء في البرلمان لطلب الثقة على أساسه، يجب أن يؤخذ مأخذ الجد كوثيقة حكومية وبرنامج عمل اشتمل على وعود كثيرة ، ولكنه ملزم للحكومة ، ويمكن محاسبتها على ضوء إنجازاتها لتلك الالتزامات.
التعامل مع البيان من جانب النواب المحترمين، والتعليق عليه من جانب الإعلاميين والسياسيين يجب أن يعتمـد على أسس موضوعية ، فلا يجوز التعامل معه على أنه مجرد مقال طويل، أو قطعة انشائية تسر السامعين وقد لا تعني شيئاً على أرض الواقع.
الأهداف الاقتصادية والمالية المحددة التي وردت في البيان واقعية وممكنة التحقيق، فلم يقل البيان مثلاً أن الحكومة ستقضي على الفقر والبطالة، ولكنها ستراعي مصلحة الفقراء في عملية إصلاح سياسة الدعم الشامل التي لا بد منها، وتدعم المشاريع الفردية التي تغني عن البحث عن وظيفة غير متوفرة. وكل هذا لا يقع في باب المعجزات.
مللنا من القول إن البيان يكـرر ما جاء في بيانات الحكومات السـابقة، وكأن على كل حكومة جديدة أن تبتدع تحديات ومشاكل جديدة غير تلك التي واجهت الحكومات السابقة.
ليس صحيحاً أن البيان تجاهل اتفاقية الغاز الإسرائيلي، فقد ذكر بوضوح أن الحكومة تستند في سياساتها وقراراتها على المصلحة الوطنية العليا. وبالتالي فإن على الذين يرفضون اتفاقية الغاز أن يثبتوا أنها لا تحقق مصلحة اقتصادية ولا توفر على الأردن ملايين الدولارات. المقياس النهائي لقرارات كهذه هو المصلحة الوطنية أولاً وأخيراً والغاية تبرر الوسيلة في سلوك الدول.
تعهدت الحكومة بالقيام بدراسة جادة لوقف الهدر والفساد في الدعم الذي لا يصل إلى المستحقين ويذهب نصفه هدراً وفساداً، وقد فهم البعض أن هذا القول يشكل تمهيداً لرفع أسعار المواد المدعومة، والقصد إحراج الحكومة واكتساب الشعبية ودس العصي في الدواليب، مع أن هؤلاء كانوا في مقدمة من يطالب بإصلاح الدعم وإيصاله إلى مستحقيه ووقف الهدر والاعتراف بأن الدعم الشامل فساد كامل.
أشار البيان بشكل عابر إلى أن الحكومة وقعت اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي للقيام بإصلاحات اقتصادية، ذكر منها تخفيض المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، ولكنه لم يقف عند الأهداف الاقتصادية والمالية والإدارية المتفق عليها، ولكن بعضها ورد في سياق سرد سياسات الحكومة، بما يؤكد أن البرنامج ليس مفروضاً على الحكومة بل مطابق لتوجهاتها.
(الراي 2016-11-20)