الجديد والتقليدي في الخطاب الاقتصادي

تم نشره الإثنين 21st تشرين الثّاني / نوفمبر 2016 12:18 صباحاً
الجديد والتقليدي في الخطاب الاقتصادي
باسم الطويسي

خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، ازدادت التعبيرات الدالة على ملامح الخطاب الاقتصادي لحكومة الدكتور هاني الملقي. وأهم المحطات كان البيان الحكومي أمام مجلس النواب الأسبوع الماضي، واللقاءات الإعلامية التي عبر فيها الرئيس بوضوح عن بعض مواقفه الاقتصادية. صحيح أن هناك قيودا كبيرة موروثة تكبل الحكومة اقتصاديا؛ فالفريق الاقتصادي تقريبا عابر من الحكومة السابقة، والبرنامج الاقتصادي رُسم وأعد في عهد حكومة د.عبدالله النسور، وبفعل استحقاقات دولية أكثر من أي اعتبار آخر، لكن حجم التحديات الاقتصادية أكبر وباتت تشبه كرة الثلج المتدحرجة.

إلى هذا الوقت، لم يُظهر الخطاب الاقتصادي للحكومة الجديدة أي أفكار ابتكارية جديدة، أو نوايا استدارة كبيرة في الفكر الاقتصادي، أو العودة لإدارة الاقتصاد من الداخل. الأمر المهم الذي يستحق التوقف أن الخطاب الحكومي انتقل من خطاب الوعيد والتخويف وإثارة القلق على المستقبل الاقتصادي، إلى الإجراءات أو الخطاب المرتبط بالممارسات؛ بمعنى أننا سنفعل ذلك من دون مقدمات أو تمهيد أو بالونات اختبار شعبي. والتطور الآخر المهم هو وضوح الاعتراف بأن الوضع الاقتصادي الصعب نتيجة أخطاء ارتكبتها الحكومات عبر سياساتها الاقتصادية، سواء في إدارة ملف الطاقة أو تنمية المحافظات أو الاستثمار، وصولا إلى سياسات التشغيل والعمل.

هل أمام الحكومة فرصة لإحداث إزاحة في الوقع الاقتصادي، والتخفيف من علل الاقتصاد الوطني المزمنة؟ فالظروف ظروف صعبة ومعقدة بشكل أكبر مما هو متاح، ما يجعل إعادة استخدام الأدوات التقليدية نفسها التي جربت سابقا نوعا من إضاعة الوقت. لكن الفرصة ما تزال ممكنة على المديين المتوسط والبعيد، وهذه الفرصة كي تكون واقعية تحتاج التفكير ببرنامج اقتصادي وطني مواز لبرنامج صندوق النقد الدولي؛ بمعنى عدم التخلي عن برنامج "الصندوق" الذي يتعامل في العموم مع الاقتصاد الكلي، والانتقال إلى العمق ببرنامج اقتصادي وطني يعنى بتفاصيل الاقتصاد الجزئي وبالانتاج والاعتماد على الذات، بعيدا عن التهويل والتخويف وحتى التزييف، فقد أشبعتنا حكومات سابقة من الأرقام المضللة حول البطالة والفقر والتشغيل والاستثمار وغيرها.

يعتمد تكوين هياكل الاقتصاد السياسي في الأصل على قرارات سياسية داخلية وسيادية. إلا أن جوهر تفاعلات الاقتصاد السياسي يرتبط بالتفاعلات الخارجية؛ تفاعلات تعاونية، صراعية، إرغامية، لكنها تعود في الأصل إلى إرادة داخلية. وها نحن وصلنا إلى لحظة الاعتراف بأن ذهنية غير مسؤولة أدارت البلاد منذ عقود بالاقتصاد السياسي المشوه؛ ما زاد من مساحة الاعتماد على الخارج على حساب السيادة الوطنية، وفتح الأبواب للفساد والإفساد بهذا المدخل وغيره، وزادت من فصل المجتمع عن قيم الإنتاج، وضخمت من قطاعات البزنس الاستهلاكي الرخيص على حساب الإنتاج، وأهملت السياسات الاجتماعية وضربت الاستقرار الذي بقي المورد الأغلى للدولة.

علينا أن لا نركن إلى شعور كاذب بالارتياح، وأن البلاد استطاعت أن تعبر من أزمات الإقليم. فجذر الأزمات الأردنية المقبلة اقتصادي-اجتماعي، وهو جذر قادر على أن يحمل حمولة سياسية مكثفة. وأي اقتراب من الأمن الاجتماعي السياسي، عبر المزيد من السياسات الاقتصادية التي تمس الأمن الاجتماعي، ستعيد رسم خرائط مصادر التهديد من جديد.

(الغد 2016-11-21)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات