كارثة يتعامى عنها الجميع

تم نشره الإثنين 21st تشرين الثّاني / نوفمبر 2016 12:28 صباحاً
كارثة يتعامى عنها الجميع
ماهر ابو طير

الكلف المالية المذهلة التي يدفعها الآباء والأمهات، لتعليم أبناءهم في الجامعات، باتت كلفا مرتفعة جدا، وصعبة التأمين، والدراسات تقول ان اغلب العائلات، باتت غير قادرة على تعليم اكثر من ابن واحد، جراء الفروقات بين الدخل ورسوم الطلاب في كل الجامعات الحكومية والخاصة.

نحن نتحدث عن فجوة خطيرة، ستؤدي قريبا، الى التوقف عن تعليم الابناء، فأغلب العائلات تجهد من اجل تعليم ابن او ابنة، وقد تبيع ارضا، اذا كان لديها هذا العقار، او تستدين من هنا وهناك، من اجل تأمين الطالب برسومه ومصاريفه، التي تكلف للبكالوريوس مبالغ لا تقل عن عشرة الاف دينار، في اربع سنوات، الى عشرين الفا، وتصل في حالات اخرى الى اربعين الف دينار، وفقا للتخصص وطريقة التسجيل، والنظام، وعدد الساعات، وطبيعة التخصص.

كيف يمكن لاغلب العائلات الاردنية ودخلها دون الثلاثمئة دينار ان تغطي هكذا كلف، وفي حالات هناك طبقة محدودة يعمل بها الاب والام، ودخلها اعلى نسبيا، من مستوى الثلاثمئة، لكنهم يواجهون اساسا مشكلة اعقد تتعلق بكثرة عدد الابناء والبنات، وبالتالي الحاجة الى كلف مذهلة، فوق نفقات العائلة ذاتها؟!

بالمعنى الاقتصادي، لم يعد التعليم منتجا، فالانسان يتعلم، من اجل رفع منسوب ثقته في نفسه في المجتمع، لكنه يخرج الى حياة مهنية بوظيفة يتراوح دخلها بين مئتي الى ثلاثمئة دينار، ولدينا الاف الادلة على ذلك، وهذا مبلغ، لايأتي معجنه بالخبز، ولايغطي نفقات مواصلاته واكله وشربه واتصالاته، ولربما يستدين من اجل تغطية مصاريفه في شهر.

معنى الكلام، اننا امام خلل خطير، شهادات بقيمة اكاديمية متدنية، بكلف مالية مذهلة، بفرص عمل سيئة ومتدنية الدخل، فلماذا اذا يتعلم كل هؤلاء ويضيعون عمرهم في هكذا تخطيط للمستقبل، في ظل عدم سماع احد، لكل هذه النداءات، لتصحيح الاختلالات، في الرسوم، وفي الاجور بعد التخرج، وفي توفير فرص العمل المتناقصة، والمتراجعة في دخلها جراء المنافسة وكثرة المعروض.

هذا ملف لايقف عنده احد، بل على العكس تصيح الجامعات، وتطالب برفع الرسوم، جراء مديونيتها، وجراء عشرات الملايين التي تراكمت عليها، لاعتبارات مختلفة، ونحن نسير اذا نحو رفع اضافي لهذه الرسوم، وفي المحصلة حرمان كثيرين من التعلم، فلا يمكن للمجتمع ان يقاوم الى ما لا نهاية، وسيصير مفهوما، ان تسمع عن عائلات، تمتنع عن تعليم الابناء والبنات، فلا مال معهم اساسا.

كنا امام ظاهرة الخريجين بلا عمل، ونحن اليوم، امام ظاهرة تتعاظم، اي تعليم ابن واحد فقط، وترك البقية بلا تعليم، او تأجيل تعليم واحد، حتى يتخرج الثاني، وهذا يؤدي عمليا الى توفير كل الظروف لغضب الشباب، وشعورهم ان لا حياة ولا مستقبل، فإن فازورا بالثانوية العامة، تعرضوا الى مشاكل في الجامعات لتقسيط رسومهم، او تأجيلها، وفي حالات كثيرة يتم حجز شهادات الخريجين، وليسأل المسؤولون الجامعات، عن عدد الشهادات المحجوزة لاسباب مالية ، ثم لو تعدى الطالب كل هذه الحواجز، جاءت اليه المكافأة، عبر وظيفة يستدين للاستمرار فيها، تحت عنوان أخذ الخبرة!!.

(الدستور 2016-11-21)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات