ماذا يريد الأردنيون من الحكومة ومجلس النواب؟
أظهرت نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية التي أُعلنت يوم الثلاثاء، أن أهم المشكلات التي تواجه الأردن اليوم أغلبها اقتصادية. وجاءت الآراء متطابقة بين العينة الوطنية (%77) وعينه قادة الرأي (80 %) حيال هذه المسألة.
التفاوت بين العينتين كان في التفاصيل؛ فبينما احتلت البطالة الترتيب الأول لدى العينة الوطنية (27 %)، جاء الوضع الاقتصادي عامة (54 %) كأولوية لدى قادة الرأي. هذا التباين مرتبط بموقع كل فئة من هذه المشكلات، ومدى تأثرها بالأبعاد المرتبطة بالوضع الاقتصادي.
هذه النتائج ليست بجديدة؛ إذ أشارت الاستطلاعات السابقة إلى ذلك. لكن الجديد في الموضوع هو تراجع المشكلات السياسية، المحلية منها والإقليمية على حدّ سواء، عما في تلك الاستطلاعات. وكان التركيز على وضع أسر الأردنيين الاقتصادي الحالي مقارنة بالعام الماضي، ونظرتهم لمستقبل تلك الأسر؛ فقد أشارت النتائج إلى نظرة مستقبلية متشائمة للوضع الاقتصادي لأسرهم وللاقتصاد الأردني أيضاً. هذا التقييم الشعبي والنخبوي للوضع الاقتصادي تدعمه الحقائق والوقائع الفعلية؛ فنسبة البطالة في ارتفاع، وكذلك غلاء المعيشة، وارتفاع المديونية، والعجز في الموازنة والميزان التجاري أيضاً.
بالتأكيد، تلقي الأوضاع الإقليمية والأزمة السورية تحديداً بظلالها على الوضع الاقتصادي في الأردن. وأعتقد أن هناك إدراكاً لذلك من جانب المواطنين. لكن هناك عدد من المسائل التي لا بد من الإشارة إليها بهذا المفهوم:
أولاً، إن الحكومات المتعاقبة رفعت من سقف التوقعات لدى المواطنين، وبخاصة ما يتعلق بحجم الاستثمارات المتوقع قدومها للأردن. وما الفيديو الذي تمّ تداوله في الأيام الماضية عن حجم هذه الاستثمارات سوى دليل على ذلك.
ثانياً، إن الحكومات المتعاقبة، بما فيها الحكومة الحالية، ونتيجة للظروف الاقتصادية التي تمر فيها البلاد، استخدمت وصفة أو سياسة اقتصادية واحدة؛ وهي التقشف وإلغاء الدعم للسلع، من دون أن تستطيع هذه السياسات تحفيز النمو الاقتصادي.
ثالثاً، السياسات الاقتصادية الحالية هي السياسات السابقة نفسها. وهذا دليل على عجز في الرؤية لمعالجة هذه المشكلات؛ لأنها لم تؤدِ إلى تغير يذكر على هذا الصعيد. فهل هذا دليل على عجز العقل الأردني اقتصادياً عن إيجاد الحلول؟ وهل توجد حلول أخرى لمعالجة الأزمات الاقتصادية المتراكمة أم لا؟
الجواب هو: بالطبع هناك حلول اقتصادية أخرى، لكن لا يمكن أن نأخذ المسألة ببعدها الاقتصادي البحت؛ لأن منظورا كهذا يهمل ويسقط الحلول الأخرى. كذلك، فإن طلبات الناس من النواب هي معالجة تلك المشكلات، مثل الفقر، والبطالة، وغلاء المعيشة، مع الإشارة إلى أن حلّ هذه المشكلات ليس من صلاحية المجلس النيابي، ولكن كلمات السادة النواب كانت تعكس الهموم التي يعاني منها المواطنون.
الاقتصاد الأردني في عنق الزجاجة. وهذه قضية وطنية لا تهم الحكومة أو مجلس النواب فقط. فالحكومات المتعاقبة عجزت عن حلّ تلك المشكلات. لذلك، حتى نستطيع معالجة تلك المشكلات وليس تأجيل التعامل معها، فإننا نحتاج إلى أمرين مهمّين: أولاً، جهود جماعية تتشارك فيها الأطراف كافة ذات العلاقة. وثانياً، مقاربة اقتصادية جديدة لكيفية معالجة هذه المشكلات.
(الغد 2016-11-24)