حلب وأشياء أخرى
حلب، تحررت من حلب، فيم يحتفل المحتفلون بـ «تحرير» حلب؟ هل بقي شيء من حلب ليحتفل من دخلها «منتصرا»؟
قيمة الإنسان لدى الكبار لا تساوي شيئا، تشتد المعارك كلما اقترب موعد الحل، أو بين يدي جلسة تفاوض، ولا يهم حينها كم يموت من الأبرياء، ومن لا يعلم لم مات! هناك اتفاق يلوح في الأفق، بين الأصابع التي تحرك الدمى، وفجأة يصبح المستحيل ممكنا، العتب واللوم ليس على تلك الأصابع، بل على تلك الدمى التي ارتضت أن تكون حركتها رهنا بمشيئة الأصابع!
-2-
كل ما يجري على «المسرح» يحدده المخرج، في الكواليس يرقبون الممثلين، وثمة «ملقن» مختبىء يصحح من ينسى كلمة من دوره المرسوم، ما يجري في عالمنا ليس هو هو، ثمة كاتب للنص، ومخرج، و»وفنيون» وكومبارس أيضا، وثمة جمهور، يصفق بغباء، ويضحك بغباء ويبكي بغباء، ويتفرج على ملهاته، باعتبارها ملهاة غيره، وهو في الحقيقة «يستمتع» برؤية نفسه، يموت ويحيى، وحين يعود إلى بيته، ينسى تماما كل ما حدث، ليفاجأ في اليوم الثاني، أن من مات لم يكن إلا هو! فانتزايا مريعة، جارنيكا يومية، تطالعها على «حائط» شبكات التواصل، كمن يقرأ نعيه في صحيفة، ويضحك، وهو يحسب أنه حي!
-3-
من ينشر صور الكارثة في حلب أو غيرها، ثم يضع تعليقه الباكي، أو اللاعن، أو حتى المتضامن، لا يعرف أنه يعيد ارتكاب الجريمة على نحو أو آخر، الإعلام كالسكين، يذبح بلا دم، في كل مرة نعيد نشر الجريمة، نكون كمن يرتكبها مرة أخرى، هناك أخلاقيات في نشر صور الأشلاء والدم، كلما غابت، أوغلنا في الوحشية!
(الدستور2016-12-14)