السوريون وحدهم يدفعون الثمن
الذي لا يقوله احد، يمكن تلخيصه ببضع كلمات، مفادها ان «السوريين وحدهم يدفعون الثمن» ، فأيا كانت شرعيات النظام، او شرعيات الفصائل والمقاتلين، فإن السوريين العاديين، هم الذين يدفعون الثمن.
في كل الازمة السورية، كلام عن النظام السوري، الذي يواجه مؤامرة دولية، وعن الفصائل التي تحارب باسم الله، او تحت مظلات وطنية، وهذه ثنائية دمرت السوريين، وعلينا ان نعترف هنا، ان الملايين الذين تشردوا داخل سورية، او خارجها، واولئك الذين استشهدوا او جرحوا، من كل الفئات، لا يعنيهم الامر من زاوية، من هو الظالم، ومن هو غير الظالم، فالسوري، ليس مصنوعا من حجر، ومن حقه ان يتألم، وكل ما يريده ان يعيش في بلده.
تلوين الازمة السورية، يجري بطريقتين، الذين مع النظام يتحدثون عن انتصارات في حلب، وتطهيرها من الارهابيين، كرمى لخاطر السوريين، والذين ضد النظام، يشعرون بحزن على حلب، والمثير ان حزنهم الانساني، يلتقي دون قصد مع احزان « داعش» الذي تضرر لكن على ارضية مختلفة، لان حزنهم يستند الى خسائرهم الانسانية، وليس ضمن حسبة المعركة، وما يتعرض له التنظيم، ووسط هذه التلوينات، يغيب المدنيون السوريون، ولا كأنهم يدفعون الثمن في كل الحالات.
وحدهم يدفعون الثمن، فالسوري، دفع الثمن من معاملة النظام له، قبل الفوضى، ودفع الثمن على يد التنظيمات التي جلبت له الدبابات واستدرجت الجيش لقصف الاحياء المدنية، كما دفعت الثمن على يد ذات الجيش الذي عميت بصيرته العسكرية، وصار يقصف عشوائيا، دون ان يجد الوقت الكافي، لتصيد المقاتلين، هنا وهناك .
من دفع الثمن اذا.هذا هو السؤال.بالتأكيد ان الشعب السوري هو الذي دفع الثمن، ولاتقولوا لي ان الشعب السوري، يشعر بأسى على النظام او على التنظيمات،ولربما يشعر بالاسى على بلاده ودولته ومقدرات بلاده فقط، ولا يعنيه اليوم، من الرابح او الخاسر، فلا رابح ولا خاسر، لان الطرفين، اي النظام ومن ضده، يجلسان على كومة خراب كبرى، ولا يحق لاحد فيهم، ان يحتفل بها، ولا بدلالات الجلوس عليها.
هذه هي الحقيقة، وسورية التي لا ينكر احد، انها باتت حلبة عالمية ودولية، تلعب بها كل الاجهزة الامنية في العالم، وكل العواصم، هي المتضررة، خصوصا، انها لن تعود كما كانت، على صعيد البنية الاجتماعية التي باتت تتسم بالحقد والكراهية والتقسيم، وهي بنية يصعب ترميمها مقارنة بالمباني المهدومة، والخدمات التي توقفت، ويمكن استعادتها.
ثنائية «النظام والثورة» ادت ذات الدور، اي ادامة التطاحن، تحت عناوين وشرعيات مختلفة، بما يؤدي الى النتيجة المقصودة والمطلوبة، تدمير الدولة السورية، تدمير وحدة السوريين، اعادة البلد الف عام الى الوراء، وجعله غير صالحة للحياة، بوجود النظام او خصومه، ولربما يقال لاول مرة ان لا فرق بين النظام وخصومه، لان الكل يتورط في ذات الدور، برعاية عالمية واقليمية، تحت شعار يقول « ممنوع الفوز لاي طرف مبكرا» ولا فوز الا بمذاق الخسارة الكبرى، نهاية المطاف.
(الدستور 2016-12-15)