الصامت الأكبر والاستراتيجيا
كان من المهم ان ننوه هنا بحديث «الصامت الاكبر».. الجيش, في ازمة المنطقة, والاخطار التي تحيق ببلدنا, ربما لأول مرة في تاريخنا.. وهو الحديث الجاد الهادئ التفصيلي, في الاستراتيجيا, وليس السياسة, فيه كل ما يريد المواطن الاردني ان يفهمه, وكل ما يجب على العربي في سوريا ولبنان.. فدور بلدنا لا يمكن ان يكون دور المتلقي لكوارث اللجوء السوري وتحويله الى موقع عربي آمن لا يفقد فيه السوري كرامته وعلمه وصحته ريثما يعود الى بلده وفي ذاكرته حضن عربي دافئ قدم له الضيافة واهتمام المجتمع الدولي بقدر ما يستطيع. فنحن جزء من اللاعبين الدوليين والاقليميين بالكثير من احترام الذات واحترام الاخرين.
الجندي المحترف الفريق الفريحات, يوضح استراتيجية قائدنا الملهم في التعامل مع قواتنا, وقوات الاخرين المبثوثة بأعلى درجات الفوضى على حدودنا الشمالية والشرقية.
فقد عرفنا لأول مرة ان هناك تنسيقاً عسكرياً مع القيادة السورية, وأننا نعمل على عودة قوى الدولة الى الحدود السورية والعراقية, فنحن نلعب دور الدولتين الحدودي.
وعرفنا بوضوح خطر اتصال ايران ولبنان عبر العراق وسوريا، وتأثيره علينا وعلى المنطقة ولا ينفع العراقيين كلامهم على انه لا وجود «للحشد الشعبي» بعد ان اصبح كله قوات مسلحة عراقية، فالعراقيون قبل غيرهم معنيون بهذه القناعة، وكان في عمان كل الاطياف السياسية العراقية، وكان الكلام كله في هذه النقطة بالذات.
نتحدث عن العام الجديد وصعوبات الاقتصاد الاردني وكأن حديث الفريق الفريحات يضع امامنا الاولويات: فنحن لم نكن منذ عام 1948 في وضع اقتصادي جيد، لكننا بعزيمة الخارجين من حقولهم ومراعيهم ومخيماتهم صنعنا لانفسنا وللعرب كياناً قوياً، اقتصاداً قوياً وتعليماً قوياً، وطبابة قوية، وقمنا بدور عظيم في نهضة المنطقة العربية الآسيوية.
كانت موازنة الدولة دائماً في عجز، وأتذكر موازنة حكومة وصفي التل الاولى (35 مليوناً منها 5 ملايين عجز)، وها نحن موازنتنا تصل الى عشرة مليار دينار.
نحن لسنا مدللين, لقد صورنا لأنفسنا أننا جزء من ثروة النفط, ولكننا لم نكن ذلك ابداً. لم نكن نفطيين ولا حتى شركاء الا في السنوات العشر الاخيرة من عهد صدام حسين حين نعمنا بمعاملة خاصة نستحقها. فنحن لم نخضع للحصار الاقتصادي الدولي على العراق, وبقيت الفا شاحنة يومياً على الطريق من العقبة الى بغداد.
مع العام الجديد, صرنا أمام اولوية الامن القومي, وامام الخروج الآمن من المأزق الاقتصادي. فنحن بما يملك الابناء من عزيمة الرجال قادرون على قبول التحدي. فالاردن لم يكن في كل تاريخه ناعماً, بلا حاجة وفقر.
اذا تحدّث «الصامت الاكبر», بكل هذه الاريحية فبلد الاردنيين بخير, وقيادتنا بألف خير.
الراي 2017-01-01