امتحان الثانوية العامة ومأزق التعليم

تم نشره الخميس 05 كانون الثّاني / يناير 2017 12:31 صباحاً
امتحان الثانوية العامة ومأزق التعليم
إبراهيم غرايبة

تكشف محاولات إصلاح الثانوية العامة عن متواليات معقدة ومتداخلة من التحديات والأزمات. وهي مشكلات لا تتصل بالثانوية العامة، بقدر علاقتها بمنظومة التعليم والعمل والتحولات الكبرى المحيطة والمؤثرة. فقد أظهرت السياسات الحازمة في ضبط امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي" مجموعة كبيرة من الأزمات تفوق مشكلة الثانوية نفسها؛ مستوى الكفاءة والمهارات المتدني والذي كان يغطى عليه بالغشّ، وأزمة الجامعات التي توسعت كثيرا على أساس الأعداد الكبيرة من الطلبة الناجحين، ليتبين أن عدد الطلبة الذين يستحقون الدخول إلى الجامعة أقل بكثير من القدرة الاستيعابية للجامعات، ما جعلها في مواجهة أزمة تهددها بالإغلاق أو التخفيض في عدد الطلبة وفي الأقسام والكليات.
هكذا فقد أصبحنا أمام خيارات معظمها غير إصلاحية: تخفيض مستوى امتحان "التوجيهي" لتمكين أكبر عدد من الطلبة من النجاح، ثم إنقاذ الجامعات بدلا من مراجعة سياسات التعليم المدرسي والجامعي! واقتصار أسئلة الامتحانات على الكتب المدرسية، إقرارا بالأمر الواقع في عدم قدرة الطلبة على الإبداع والاستنتاج، بل وتحويل اختبارات الاستنتاج إلى مخالفة، وحذف الأسئلة التي يتبين أنها من خارج الكتاب المدرسي! بدلا من مراجعة السياسات التعليمية والاجتماعية لأجل الارتقاء بمستوى التعليم والتوسع في الإبداع والمهارات المعرفية والحياتية والعامة، ومراجعة واقع الجامعات لأجل إعادتها إلى سكة الانسجام مع متطلبات العمل والتفوق والقدرة على تلبية احتياجات الأسواق الجديدة في العمل والدخول في المنافسة والمشاركة على الفرص المتاحة في الوطن وفي الخارج أيضا، وبناء اتجاهات اجتماعية جديدة نحو المبادرات والمشروعات في العمل والسوق والتدريب الحرفي المتقدم خارج الجامعات والمدارس.
لقد دخلنا في جدل طويل بعيدا عن جوهر المشكلة، وشغلنا لأجل تعديلات لا تغير في مستوى التعليم والمهارات، ولا يفيد شيئا الإبقاء عليها، برغم أن كل من يقدر أن يرسل أبناءه إلى مدارس خاصة لا تلتزم بالمنهاج أو تضيف إليه مناهج أخرى، لا يتردد في ذلك حتى وهو يعارض لأجل أفكار يظنها انتصارا للدين أو أمر الله بها. وهناك أيضا آلاف الطلبة الذين يدرسون في برامج أجنبية تديرها عشرات المدارس في عمان والأردن. حسنا، إذا كانت البرامج الأجنبية فكرة ناجحة ومقبولة وتلاقي رغبة وإقبالا من المواطنين، فلماذا لا تقتبس التجربة وتعمم في جميع مدارس المملكة، ويضاف إليها ما نعتقد أنه ينقصها؟ وفي ذلك نقلل الهدر والحيرة، فلا نحتاج سوى اقتباس تجارب تبدو ناجحة ومطبقة بنجاح في الأردن وفي العالم.
الحال أن التعليم ليس في خير، ولم يكن في خير في يوم من الأيام، بل إنه في السنوات الأخيرة أقل سوءا مما كان عليه من قبل. لكن ثمة تحديات جديدة تكشف الأزمة في التعليم، ليس لأنها أزمة جديدة لم تكن موجودة، لكن لأنها كانت مجهولة أو يجري تجاهلها.

الغد 2017-01-05



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات