رفسنجاني بين الدين والدولة!
ما ان رحل الرئيس الايراني الاسبق رافسنجاني حتى تحول رحيله الى مناسبة للبحث عن اسباب الخلاف بينه وبين نظام بلاده، فهو كما يقدمه الاعلام اشبه بجملة معترضة في سجل الرؤساء الايرانيين منذ اندلاع الثورة سنة 1979، فالبعض يصفه بانه براغماتي حاول فتح الابواب والنوافذ المغلقة من اجل الانفتاح على علاقات دولية واقليمية تخرج طهران من عزلتها .
وحين نعاه آية الله خامنئي اشار الى تلك الخلافات لكنه اضاف بأنها لم تفسد للود قضية وان رفسنجاني بقي مقربا منه حتى رحيله .
نعرف ان الموت يضع حدا للخلافات حتى لو كانت جذرية سواء تعلق الامر بالسياسة او اي مجال آخر، لكن موت رفسنجاني لا يعني رحيل التيار الاصلاحي في ايران، فالرجل له انصار وتلاميذ تبنوا شعاراته وموته لن يضع نقطة في آخر السطر قدر تعلقه بجدلية الاتباع والاصلاح !
لكن ما سمعناه وقرأناه عن ردود افعال سواء على مستوى الاقليم او العالم لرحيله يرجح الاعتقاد بأن الرجل كان مُنفتحا، وراغبا في الحوار ورجل دولة اكثر مما هو رجل دين .
حتى برقيات العزاء من خصوم تقليديين لايران اوحت بمختلف الاساليب بأن الرجل كان مختلفا عن سائر الآيات وان هزيمته في الترشح للرئاسة امام نجاد وتعرضه لمضايقات متعاقبة رغم احتفاظه بمنصبه الرفيع كانت بمثابة التضييق على التيار الاصلاحي .
وقد يكون من المجازفة الكتابة عن الشأن الايراني بمعزل عن معرفة التفاصيل في الدراما الايرانية التي بدأت قبل ستة وثلاثين عاما وهي تعيش بين مدّ وجزر وانحسار وتمدد .
لكن ما يعنينا في هذه المناسبة المتعلقة برحيل رفسنجاني هو التيار الذي قاده، وتعثرت سيرته وكان هناك صراع خفي بين الدولة الدينية والدولة البراغماتية بمفهومها المعاصر .
وهذا ما حدث على نحو مكشوف في تجربة الرئيس الاسبق خاتمي صاحب الاطروحات المنشورة في كتب حول رؤاه ومنهجه في التفكير والحكم معا، وكان خاتمي قد استطاع عقد صفقات سياسية مع دول اوروبية منها بريطانيا ومنها ما كان متجاوزا للفتوى في هدر دم سلمان رشدي !
الدستور 2017-01-11