الأحزاب السياسية والغياب عن الساحة
نكتشف اليوم، وفي ضوء مايحدث عندنا نتيجة للتوجهات الحكومية المتعلقة برفع الأسعار والضرائب على سلع وخدمات لتوفير إيرادات لخزينة الدولة مقدارها 450 مليون دينار، عدم فاعلية الأحزاب السياسية الأردنية، مع أن عددها كبير، لا أستطيع لكثرتها، ولغياب الفاعلية لدى عدد كبير منها، معرفة عددها، ناهيك عن أسمائها. هناك أحزاب حصلت على التراخيص المناسبة، ولكنها على أرض الواقع، لم تحصل على الاعتراف الشعبي، ولا يتحمل المواطنون مسؤولية هذا الواقع المرير، بل الأحزاب نفسها، هي من تتحمل ذلك، فالكثير منها عاجز عن تقديم نفسه في ساحة العمل العام.
أحزاب كثيرة ترفع يافطة بأسمائها على مقراتها، ولديها أعضاء، ولكنها غائبة تماما عن خوض غمار العمل العام على مدار العام، ولا أستطيع أن أفهم كيف يمكن أن تغيب غالبية الأحزاب عن الأحداث المحلية الحالية وخصوصا التوجهات الحكومية على صعيد رفع الأسعار والضرائب على العديد من السلع والخدمات؟ إن هدف العمل الحزبي بالدرجة الأولى الدفاع عن مصالح الناس، والعمل على وقف أية سياسات لا تراعي مصالح الناس وأوضاعهم المعيشية، ولا تأخذ بعين الاعتبار ظروف الناس، وقدرتهم على مواجهة التحديات المعيشية التي تواجههم... ولكن، يبدو، أن الكثير من الأحزاب لا تلتفت لهموم الناس ومشاكلهم الحياتية، ولا تعمل على التخفيف من معاناتهم، باستثناء بعض البيانات التي هدفها إسقاط العتب عنها (الاحزاب). وكما هو معروف فالبيانات لا تصنع حزبا، ولا تخلق للحزب موقعا في قلوب وعقول الناس، فقد تعود الناس على مثل هذه البيانات، فيما هم بحاجة فعلا لمواقف حزبية قوية وواضحة تؤثر على السياسات الحكومية المتعلقة بحياة الناس. للأسف، نشاهد في هذه المرحلة تراجعا شديدا بدور الأحزاب، وليس التراجع وليد هذه المرحلة، فأحزابنا باستثناء القليل منها، بعيدة كليا عن هموم المواطن، ولا يوجد لديها القدرة على مواجهة السياسات الحكومية التي ترفضها، ولا تملك الآليات التي تساهم بتفعيل دورها الحزبي والشعبي، فهي تعيش معزولة عن محيطها الشعبي، ولذلك، فإن الكثير من المواطنين لا يعرفون أسماء الاحزاب، وغير معنيين بها وبما تقوم به. كنا سابقا نطالب بعودة الحياة الحزبية لأهميتها لتقدم وتطور الإصلاح والحياة السياسية والبرلمانية. الآن، وبعد أن تكاثرت الأحزاب، أصبح الكثيرون منا غير معنيين بها وبما تقوم به. نحن الآن بحاجة فعلية لدور حزبي قوي، فغياب الأحزاب يضر بها وبالحياة السياسية والبرلمانية.
الغد 2017-01-31