لا نرى الا أنفسنا ..!

تم نشره الجمعة 03rd شباط / فبراير 2017 12:41 صباحاً
لا نرى الا أنفسنا ..!
حسين الرواشدة

لا يخطر في بالي - ابدا - ان اقلل من شأن أحد - لا سمح الله - لكني اشعر اننا بحسن نية ، او جهل ، لا نرى الا انفسنا ، ولا نعترف الا “بالإسلام” الذي يتحدث العربية او ينتسب الى قوميتنا العربية ، مع ان الله تعالى حسم المسألة في قرآنه الكريم اذ بعث رسولنا “للعالمين” واناط بأمتنا الاسلامية كلها صفة “الخيرية” ، وانكر علينا التفاضل تبعا للجنس او العرق او اللون ، ودعانا لنتسابق ونسارع لا لنتصارع ونتفارق.

الاغرب من ذلك ان يعتقد بعض اخواننا من العرب المسلمين انهم وحدهم في هذا الكون ، وان الأمم الاخرى مسخرة لخدمتهم ، ومدعوة للتقدم والعمل بالنيابة عنهم ، ومطلوب منها ان تصغي اليهم ، وتتنازل عن “معتقداتها” لصالحهم ، ويعتقدون - للاسف - ايضا ان نسختهم “العربية” هي الاسلام ذاته ، وان غيرهم من “المسلمين” الاتراك أو الصينيين أو الفرس أو الجرمان..الخ ، نسخة مقلدة وتابعة وغير اصيلة ، لا تعبر عن روح الاسلام ولا تجسد قيمه ، وربما ، غير محسوبة عليه.

هذا ، بالطبع ، اعتقاد غير صحيح ، سببه المبالغة الخاطئة في تقدير حجم الذات ، وعدم معرفتها بأوجهها وصورها واختلافاتها والوانها المعروفة ، ناهيك عن عدم معرفة الآخر الذي هو في الحقيقة الصورة الاخرى للذات ، وسببه - ايضا - العزلة والقطيعة التي نعيشها باختيارنا ، والخوف من الانفتاح ، والتمحور المرضي حول “المركز” دون الدوران لرؤية الاطراف ، والمبالغة هنا في تمجيد الذات لا يختلف في نتيجته عن المبالغة في تجريحها والاستهانة بها ، فكلاهما ينم عن موقف مرضي ، وتصور يفتقد الى الصواب.

رقميا ، لا تتجاوز نسبة المسلمين في هذا العالم حدود الربع ، ولا يتجاوز عدد العرب منهم الربع ايضا ، فمن بين مليار ونصف المليار مسلم ثمة (300) مليون مسلم عربي ، واما عمليا ، فأثر العرب المسلمين اليوم لا يخفى على أحد ، والقضايا التي تشغلهم تفوق الوصف ، اما صورة “التدين” التي نطالعها في عالمنا العربي فليست افضل من هذه “الصورة” لدى غيرنا ، بل انها تبدو - احيانا - افضل مما لدينا ، ولو زار احدنا احدى البلدان والتي يشكل المسلمون جزءا من معادلة سكانها ، كالهند أو امريكا او اليابان..الخ (دعك من الدول ذات الاكثرية الاسلامية كماليزيا واندونيسيا وتركيا...الخ) لوجد مسلمين حقيقيين ، وتدينا خالصا ، ونسخة اسلامية (غير عربية هذه المرة) اصيلة تعبر عن روح الاسلام وتقدس تعاليمه وتفهم كلياته ومقاصده.

نحتاج الى مراجعة حقيقية - كعرب ومسلمين - لموقفنا من العالم ، ومن العصر ، والى “السير في الارض والكون” لمعرفة هذا التنوع الانساني ، والخروج من “ضيق” التصور ، وقصور النظر ، والتمحور حول النفس ، فنحن - كما قلت - جزء من هذا العالم ، وجزء من اتباع هذا الدين. واذا كانت ثمة افضلية لنا فهي فقط في حمل الامانة: امانة الانسان وامانة الدين ، وهذه ايضا يشاركنا فيها كل مسلم وكل مؤمن وكل ضمير يعرف الله تعالى ويتوجه اليه ويبتغي اليه الوسيلة ، اما الهداية فأمرها الى الخالق ، واما “الحساب” فهو له تعالى يوم القيامة ، واما الخيرية فهي لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وآمن بالله..

باختصار ، نحن - كعرب - جزء من هذا الاسلام الذي بدأ بأربعة رجال كانوا حول الرسول عليه السلام ، ومنهم فارسي ورومي ، واصبحوا اليوم يزيدون عن مليار ونصف المليار،ونحن - ايضا - جزء من هذا العالم الذي تعددت اديانه ومعتقداته.. واختلف الناس فيه (ولذلك خلقهم) وظل الكفر - وهو واقع بمشيئة الله - جزءا منه.. فهل بوسعنا ان ننظر الى هذه الصورة من كافة زواياها ، وان نتعامل معها كما امرنا الله تعالى ، بمنطق الاعتراف والاحترام والحوار.. والدعوة بالتي هي أحسن.. والرحمة التي تسبق العدل؟

الدستور 2017-02-03



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات