معركة الرقة والتوافقات المعقدة

تم نشره الجمعة 17 شباط / فبراير 2017 12:15 صباحاً
معركة الرقة والتوافقات المعقدة
محمد برهومة

حينما سلّمت الولايات المتحدة الأميركية الشهر الماضي، وللمرة الأولى، عشر عربات مدرعة من نوع "أس يو في" إلى "قوات سورية الديمقراطية"، ثار جدلٌ حول الخطوة الأميركية؛ فقيل إن هذا القرار اتُخذ في إدارة الرئيس باراك أوباما، و"ليس بناءً على إذن جديد من إدارة الرئيس دونالد ترامب"، كما ذكر بيان للبيت الأبيض. وقد علّقتْ القيادات الكردية على ذلك بالقول إن ترامب، الذي استعجل إلغاء "أوباما كير" منذ الساعات الأولى لحلوله في البيت الأبيض رئيساً، كان أيضاً قادراً على إلغاء قرار دعم الأكراد، لكنه لم يفعل، ما يعني دعمه الضمني للقرار. مع ذلك، فالجواب الكردي لا يستطيع نفي ما حمله بيان البيت الأبيض من "تحوّط". 
والسؤال اليوم: هل ستدعم إدارة ترامب الأكراد مثلما استثمرت فيهم إدارة أوباما؟ الجواب الأرجح هو نعم، حتى لو كان ذلك على غير رغبة من الأتراك. لكن هذا الدعم، ومراعاة لهواجس أنقرة على وجه الخصوص، لن يجعل الأكراد اللاعب الأهم الذي سيحرر الرقة. وقد كانت فكرة "قوات النخبة" العربية التي يقودها أحمد الجربا أداة عملية على الأرض لتخفيف الهواجس التركية وإدارة التوازنات المعقدة. اتفاق الجربا مع الأميركيين، والروس أيضاً، على أن تملأ الفراغ بعد طرد تنظيم "داعش" من الرقة قواتٌ في غالبيتها عربية، وبدعم إقليمي ودولي لا تُستثنى منه تركيا.
المشهد اليوم يقول إنّ القضاء على عاصمة الخلافة للتنظيم الإرهابي لن يكون حدثاً عابراً، وسيرسم الأقوياءُ خطوطه وتفاصيله. من هنا فإن الدعم المطلوب لمعركة الرقة سيعني أنها معركة توافقات دولية وإقليمية بشأن أمرين: الأطراف التي ستخوض التحرير، وإدارة توازنات ما بعد التحرير بين الفاعلين المحليين والإقليميين وحلفائهم الدوليين.
والأغلب أنّ "قوات النخبة" العربية و"القوات الكردية" لن تتمكنا وحدهما من حسم المعركة في الرقة، التي سيكون النظام وإيران و"حزب الله" و"الحشد الشعبي" الأكثر استبعاداً من المشاركة فيها، أو الأقل مشاركة، وهو ما تعيه موسكو؛ إذ تداركت الموقف المحتدم في منطقة الباب برسم خطوطٍ لمنع الاشتباك "غير المحسوب" بين قوات النظام و"حزب الله" من جهة و"الجيش الحر" المدعوم من أنقرة من جهة ثانية.
من المهم في هذا السياق معرفة أنّ المسؤول اليوم عن ملفات سورية والعراق وإيران في مجلس الأمن القومي في إدارة ترامب هو العقيد المتقاعد جويل رايبرن، المعروف بمواقفه الوسطية حيال قضايا الشرق الأوسط. ورايبرن، الذي سبق أنْ خدم في العراق زمن حكومة نوري المالكي، كان من أشد الداعمين للتحالف الأميركي مع عشائر الأنبار، لتشكيل "الصحوات" للقضاء على "القاعدة" قبل نحو عشر سنوات.
ولنا أن نسأل ونرصد ونترقب إلى أيّ حدّ يمكن أنْ يستلهم رايبرن تلك التجربة مجدداً في سورية، وفي الرقة تحديداً؟

الغد 2017-02-17



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات