تسبيع النظام الأسدي بالفيتو
أول أمس، وبعد أن أبطلت روسيا والصين مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدين النظام السوري الوحشي لاستخدامه السلاح الكيميائي ضد شعبه، وصلتني رسالة إلكترونية من شبيح مبتهج كأنها زغروطة فرح، أو هلهولة نجاح، يقول مرسلها متبجحاً: هذا انتصار جديد للحق، ودحر للباطل. هذا يوم العدالة، وهزيمة الهيمنة الأمريكية البريطانية الفرنسية. ويضيف مستشهداً بالقرآن الكريم: الآن حصحص الحق.
لم يزعجني الفيتو المزدوج، الذي يستخدم للمرة السابعة لحماية هذا النظام المجرم ومده باسباب بقائه، بقدر ما آلمتني هذا الرسالة المناكفة التي تتلبسها نظرية المؤامرة التي انكشفت عوراتها وبان سخفها وفشلها.
فهل عدم إدانة الباطل وإعطاء ضوء أخضر لسفك مزيد من الدماء هو إحقاق للحق يا صاحب الحق الحقيق؟!. وهل إعطاء المجرم دفعة جديدة وحماية إضافية هو إبطال للباطل. وهل التغاضي عن مئات الشهداء والجرحى والثكلى هو إحقاق للحق وحصحصة له؟!.
لم أكن يوما مع أي تدخل أجنبي في سوريا، أو في أي بلد عربي، ولن أكون، ولكني واثق من انتصار الإرادة الشعبية للسوريين الأحرار على النظام وعلى الدواعش الذين تسبب بهم، وأكثر يقيناً من أن النظام الدموي قد انتهى أخلاقيا منذ أن أراق أول قطرة دم في درعا في منتصف آذار 2011.
يعرف الجميع أن روسيا والصين لم يبطلا القرار إحقاقاً لحق، أو إجهاضا لباطل، بل هي الحسابات والمعطيات والمصالح الضيقة والذاتية، التي تتحرك في فلكها هاتان الدولتان. ومع هذا سنردد مع صوت التاريخ الحتمي للبشرية وسيرة العدالة: بالفيتو أو بلا فيتو، سيسقط بشار.
في عرف فلاحي بلاد الشام أن الكلب إذا لغم من إناء فعليك (تسبيعه)، أي غسله بالماء والتراب سبع مرات متتالية؛ كي يعود نقيا طاهرا. وفي عرف التجارب الإنسانية مع الطغاة أن حماية الباطل سبعا وسبعين مرة لن تمنحه صبغة الحق. ولكن الفيتو المسبع القبيح رهان مصالح وصراعات كبار لن تخلف خلفها إلا إتلافا للكرم، هذا إن كان ما زال هناك كرم أو بلد.
الباطل قد يرتفع، وقد يجد من يعطيه أجنحة للتحليق أعلى وأعلى، وقد يشهق فوق القمم، ويخيل له أنه الحق الحقيق بالبقاء. ثم يزداد علواً وظلماً وغلواً، وكل هذا كي يكون سقوطه مدوياً، وكي يتحطم إلى شظايا دقيقة ساعة الحقيقة، ساعة الارتطام بالأرض.
الدستور 2017-03-02