سلة دي مستورا ومنصات المعارضة

تم نشره الإثنين 06 آذار / مارس 2017 01:13 صباحاً
سلة دي مستورا ومنصات المعارضة
محمد كعوش

الصراع في سوريا وعليها خلق مصطلحات سياسية غير مسبوقة ، في مقدمتها تصريحات المبعوث الدولي دي مستورا الذي يتحدث عن «سلال الحل « ، فهو يحمل سلته ويتجول بين الوفود عله يحصد نجاحا نسبيا في جنيف. كذلك المعارضة تتحدث عن منصات عديدة بمرجعيات خارجية وفي مقدمتها منصة اسطنبول ومنصة الرياض ومنصة موسكو ، دون التفكير بالتواجد خلف منصة واحدة تكون هي المنصة الواحدة الموحدة ، وأعني المنصة السورية !!

هناك حقيقة ثابتة متفق حولها ، وهي التي عبر عنها ( أنوشروان ) بعبارة واحدة نقلها عن ارسطو تقول :» العالم بستان سياجه الدولة « ، وهناك حقيقة هي ان الدولة في سوريا باقية ، وأن لا خوف عليها من تواجد المنظمات المسلحة المتطرفة في الأطراف والثغور، حسب نظرية العالم المؤرخ ابن خلدون الذي قال قبل مئات السنين ( القرن الرابع عشر ) :» اذا غلب على الدولة من مركزها فلا ينفعها بقاء الأطراف والنطاق فتضمحل لوقتها ، لأن المركز كالقلب تنبعث منه الروح ، فاذا غلب القلب انهزم جميع الأطراف « ، وقلب سوريا ما زال ينبض في دمشق.

نعم ، في سوريا ما يؤكد أن الدولة باقية ، ونظرية الفيلسوف هيغل في الدولة تؤكد أن « الدولة هي التي تمثل الكل ، ويجب أن تتقدم نحو الحالة الأكثر كمالا ، وهي الدولة المدنية التي هي روح العالم الجديد ، وعلى الفرد ان يحترم القانون ويحافظ على استقلال الدولة وسيادتها «.

وفي المسألة السورية نرى أن الأطراف ما زالت في حالة فوضى في غياب الدولة ، فعندما ننظر الى الشمال نرى ما يشبه السيرك العسكري ترفرف فوقه تشكيلة من الأعلام والرايات بينها الأبيض والأصفر والموشح ، وفيها الأسود والأخضر والأحمر، يرفعها ويحرسها مسلحون من جنسيات متعددة ، وكل فصيل تابع لدولة اقليمية أو دولية وله أجندته الخاصة حتى أصبحت الأمور أكثر تعقيدا.

هذا المشهد غير مسبوق في تاريخ المنطقة ، وان دل على شيء فيدل على أن الحرب كونية تدور رحاها فوق الأرض السورية ، تحت عناوين وشعارات واهداف ومقاصد ومصالح مختلفة ومتعددة ، ولكن في النهاية كلها تصب في مشروع واحد وهو تقسيم البلاد على قاعدة عرقية ومذهبية لأسباب سياسية جغرافية تتعلق بالصراع العربي الأسرائيلي وفرض تسوية ، أو تصفية قضية الشعب الفلسطيني بعيدا عن حل الدولتين.

المشهد واضح تماما والقتلة واضحون ، ولا نحتاج الى عرّاف اليمامة رباح بن عجلة أو عرّاف نجد الأبلق الأسدي كي يكشفا لنا حقيقة وأهداف هذه الحروب العربية المتحركة المتجولة منذ هبوب رياح « الربيع العربي» التي حملت في طياتها وتفاصيلها مشروع التدمير الذاتي العربي.

ولكن حدث ما حدث ، وحصل الأنهيار الكبير ، ولم يتمكن احد من وقف التدهور الذي لم يصل الى القاع بعد ، ولكن لا خوف لأن قلب الأمة ما زال ينبض وهو الغالب في النهاية ، كما أن الحل الحاسم يحتاج الى ما هو اكثر وابعد من الحسم العسكري ، فهو بحاجة الى قرارات جريئة تقود الى تحقيق وتنفيذ حزمة من الأصلاحات السياسية والأقتصادية والأجتماعية والأدارية ، وقبول مشاركة الآخر في صياغة المستقبل ، وتوسيع هامش الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير، واحترام حقوق الأنسان وحق المواطن بحياة كريمة.

هذا هو البرنامج الأصلاحي الموازي للحسم العسكري ، وهو الذي يحسم المعركة ، وينهي دور كل من يرعى الأرهاب ويمول ويسلح التنظيمات المتطرفة ، وليس سلة دي مستورا والمنصات متعددة الجنسيات ومرجعياتها الخارجية ، وهنا استعين ، وللمرة الثانية ، بقول الفيلسوف العسكري والحكيم الصيني سون تزو الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد وهو مؤلف كتاب « فن الحرب «: « الأنتصار في المعارك ليس هو النجاح الكامل ، فالنجاح هو أن تكسر مقاومة عدوك دون قتال».

الراي 2017-03-06



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات