بانتظار ما سيفعله ترمب !
مما قاله دونالد ترمب للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في مكالمته الهاتفية الأخيرة معه «أن السلام مع إسرائيل يوجب التفاوض المباشر» وكأنه، أي الرئيس الأميركي، لا يعرف أن التفاوض المباشر وغير المباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد إستمر زهاء ربع قرن وبدون التقدم ولو خطوة واحدة وبخاصة بعد إغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين الذي يقتضي الإنصاف الإعتراف بأنه كان جاداً بل و»متحمساً» لوضع حدٍّ لصراع معقد مرت عليه سنوات طويلة .
كان إغتيال إسحق رابين إغتيالاً لعملية السلام المتأرجحة التي تلقت الضربة القاضية، أولاً بتناوب اليمين على الحكم في إسرائيل بين إرييل شارون وبنيامين نتنياهو وثانياً بإغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) .. وهكذا فقد وصلت الأمور إلى الإستعصاء النهائي وإلى حد أن رئيس الوزراء الحالي، الذي بات يستند إلى تحوِّل يميني متشدد، قد أغلق الأبواب كلها وأصبح يتحدت عما يسمى أرض اليهود التوراتية «الموعودة» من البحر إلى النهر .
ثمانية أعوام عجاف بقي باراك أوباما «يخضُّ» لبن هذا الصراع المعقد بدون أي نتيجة ولا إنجاز على الإطلاق والمعروف أن وزير خارجيته جون كيري قد ملَّ هذه المنطقة وهي ملته لكثرة ما تردد عليها في زيارات كلها كانت عبثية وإنتهت إلى لا شيء وذلك لأن هؤلاء الذين لازالوا يحكمون في إسرائيل حتى الآن قد إغتالوا إتفاقيات أوسلو وأغتالوا عملية السلام والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة عندما إغتالوا إسحق رابين في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1995.
لقد تحدث ترمب في «مكالمته» الهاتفية مع (أبومازن) عن إلتزامه بخطوة تقود إلى «سلام حقيقي» بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبالطبع فإن الرد من رام الله قد جاء إيجابيا وأنَّ عباس، حسب الناطق الرسمي بإسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينه، قد أبلغ الرئيس الأميركي بأنه يلتزم بالتعاون معه لصنع السلام في المنطقة وفق حل الدولتين .
والسؤال هنا هو: هلا فعلاً يا ترى أن ترمب جادٌّ في هذا الذي قاله أمْ أنَّ «كلام الليل سيمحوه النهار» وأن هذه الإدارة مثلها مثل الإدارات السابقة ستبقى تعطي لأهل هذه المنطقة العرب إبراً مسكنة ووعوداً براقة بلا تنفيذ بينما يتواصل العناد الإسرائيلي ويواصل بنيامين نتنياهو تنفيذ ما جاء في كتاب والده «مكان تحت الشمس» الذي يبدو أنه أصبح في هذا العهد الإسرائيلي «مزامير» المواقف والسياسات الإسرائيلية ؟!.
الآن وبعدما شطب باراك أوباما هذه المنطقة من حساباته على إعتبار أنها لم تعد منطقة مصالح حيوية وإستراتيجية أميركية فإن الواضح، حتى الآن والله أعلم، أن هذه الإدارة الجمهورية عادت لـ «إيقاف» المعادلة الشرق أوسطية على أقدامها بعدما كانت الإدارة السابقة قد أوقفتها على رأسها.. وهذا يجعلنا نردد مع «الأخ أبو مازن» تفاءلوا بالخير تجدوه ويبقى أنه سيكون للقمة العربية التي سيستضيفها الأردن بعد أيام رأي أساسي في هذا المجال!!.
الراي 2017-03-12