مآذن القدس.. ورجال دعوة!
حظر الكيان الصهيوني بقرار نازي قبل أيام الأذان في القدس والمسجد الأقصى المبارك، ومدن وقرى فلسطين المحتلة العام 1948، وبالأثر صمتت دول عربية وإسلامية، ولم تصدر عنها تصريحات حول الموضوع، واكتفى البعض بالشجب والاستنكار.
وكالعادة لم يخرج علينا وزير متحفز بتصريحات تطالب بتغيير نتنياهو، وإسقاط نظامه، ولم نطالع تصريحات لحاكم إسلامي يعتبر ما جرى أمرا إرهابيا وعنصريا وفاشيا، كما لم يصدر عن أي دولة عربية أو إسلامية أي توجهات باتجاه الأمم المتحدة لفضح إسرائيل أمام المؤسسة الدولية، واستصدار قرارات بشأنها كما كان يحصل مع جنوب أفريقيا إبان الفصل العنصري الذي كانت تمارسه والتي صدر بحقها من قبل الأمم المتحدة أكثر من 18 قرارا، تم بموجبها منع تصدير السلاح، ومنع تزويدها بالبترول، ومنعها من اللعب رياضيا، وغيرها من القرارات التي أجبرت البيض في جنوب افريقيا لاحقا على الاعتراف بحق السود، وإدانة سياسة التمييز العنصري.
اليوم؛ الكيان الصهيوني يمارس أكثر بكثير مما مارسته جنوب افريقيا سابقا، والعالم يسكت! والعالم العربي والإسلامي يتفرج. يمنع الكيان الصهيوني الأذان في القدس ومسجدها الأقصى، فيصمت دعاة أشبعونا سابقا دعوات لإزاحة هذا النظام العربي أو ذاك، والذين حشدوا لمقاتلة هذا الجيش العربي أو ذاك، فيما نراهم اليوم صامتين بغرابة عن قيام إسرائيل بمنع الأذان في الأقصى؟!
يمنع الأذان في الأقصى، فيصمت العرب والمسلمون وكأن القدس ليست قبلتنا الأولى ومسجدنا الثالث؛ يصمت الشيوخ والدعاة عن الكلام المباح، ولا يدعون أمة الإسلام لمحاربة الصهاينة -أقول الصهاينة- وليس اليهود لأنه لا مشكلة لنا مع يهودي يسكن في كندا أو اليمن أو المغرب أو فرنسا، وإنما مشكلتنا مع محتلين صهاينة استباحوا أرضا ليست لهم، وهجروا شعبا عن أرضه، ومارسوا طقوسهم التلمودية في ساحات قبلتنا الأولى.
يمنع الأذان في الأقصى، فلا نسمع مقاطع فيديو تغزو مواقع التواصل الاجتماعي لهذا الداعية أو ذاك تحث على النفير ومحاربة إسرائيل والتحشيد ضدها، وتصمت الخطب العصماء فلا نسمع أحدا يدعو لنصرة الأقصى من غطرسة الصهاينة وجبروتهم، وبالأثر لم نسمع تحركا إسلاميا من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي للدفاع عن المقدسات والحق في رفع الأذان، فيما كان تحركها أسرع من البرق عندما يتعلق الأمر بدول عربية!
الحقيقة الواضحة أن أولئك، دعاة ودولا، يصمتون عندما يتعلق الأمر بفلسطين ومسجدها الأقصى، فتغيب الخطب الداعمة لشعب يقاوم المحتل بكفه، فيما يرتفع عدد البكائين والندابين عندما يتعلق الأمر بعواصم عربية وإسلامية.
سادتي؛ يا من دعوتم الشباب المراهقين للنفير إلى الشام والعراق واليمن وليبيا وغيرها، وزرعتم الإرهابيين التكفيريين في عواصمنا، لماذا غبتم عن منابر الخطابة عندما تعلق الأمر بالأقصى، وما تمارسه إسرائيل بحقه؟! لماذا اختفيتم فجأة وسكتت قنواتكم الإعلامية عن الكلام؟!
أيها السادة؛ يا من تريدون صنع عدو وهمي لنا، تحت شعار الطائفية والمذهبية، يا من تستحضرون التاريخ قبل 1500 عام لإدامة حرب داحس والغبراء، والبسوس وصفين والجمل وغيرها، لماذا تريدون إبعادنا عن رؤية العدو الحقيقي وهو إسرائيل وتبحثون لنا عن عدو وهمي استحضرتموه من نسيج خيالكم، ومن قصص تريدون نسجها لنا عبر فضائكم الإعلامي الذي صنعتموه لهذا الغرض؟
لماذا تصمتون فجأة؟ لماذا لا تتحرك أبواقكم الإعلامية ضد الصهاينة، فيما تتحركون ضد حواضن عربية وضد عواصم تختلف معكم في الرؤية والهدف؟ لماذا فجاة تنزل عليكم السكينة والصمت؟ وفِي أماكن أخرى تزمجرون وتدعون للنفير؟ لماذا لم نسمعكم تتحركون؟
سادتي، القدس ليست شأنا فلسطينيا أو أردنيا فقط، وإنما شأن عربي إسلامي-مسيحي، فلماذا نراكم غائبين صامتين مستكينين؟ أين خطبكم الرنانة، أين نويحكم وبكاؤكم ودموعكم على صوت الأذان الذي يريد الصهاينة إسكاته، أم أن الأقصىى لا يعنيكم؟!
الغد 2017-03-13