حول بنو الجرَّاح
المدينة نيوز- تلقيت من السيد علي بن فلاح الملاحي الذي وصف نفسه بِ " مؤرخ عشائر عرب الصقر المفارجة الطائية " / إربد - اﻷردن الرسالة التالية التي أنشرها كاملة كما وردتني تحت عنوان :
بنو الجراح أمراء الأردن وفلسطين في الرملة
ليسوا من سلالة أبو عبيدة عامر بن الجراح ...!
يا سيد زياد أبو غنيمة ..!
جاء في مقالة للباحث اﻷستاذ زياد ابو غنيمة في صحيفة المدينة الورقية واﻷلكترونية الموزعة في الأردن بعنوان التمثيل العشائري بتاريخ 11تشرين اول 2009 ، في معرض حديثه المسهب عن وزراء عشيرة أبو العون - الرملة ، خلط في نسب بني الجراح ، وهنا لا بد لنا من وقفة على فقرة واحدة ، ولا نعلم مدى دقة معلومات الفقرات اﻷخرى في مقالته ، أو مقالاته الكثيرة اﻷخرى ، في هذه الصحيفة تحديدا ، لكن فقرتنا التي نتوقف عندها ، نتوقف عندها ، لانها تخصنا نسبا ، حيث وقع الباحث في هفوات كبيرة ، في ردِّ نسب بني الجراح إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه وأرضاه ، وأنا أعتب عليه ، لأنه اعتمد على تاريخ مصطفى مراد الدبَّـاغ ( بلادنا فلسطين ) ، ولم يتحقق بنفسه من مصادر الدبَّـاغ ، لأن الدبَّـاغ ، وكما هو معروف حاطب ليل ، كان يعتمد على رواياته على ما يذكره الناس له ، مما يحفظوه دون تحقق من رواياتهم ، ثمَّ يدوِّنه كحقائق مسلم بها ، ومن بين هذه الأخطاء ما بين أيدينا مما يتعلق ببني الجراح ، لأنه لو قرأ الدبَّـاغ ما جاء في تاريخ من سبقونا ، لعرف الحقيقة من كتاب المنتظم في التاريخ ، وكتاب المقريزي مؤرِّخ الفاطميين ، وتاريخ إبن خلدون ، وتاريخ بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم ، التي تجمع كلها ، على أن بني الجراح هم طائيون نسبا ، انظر على سبيل المثال ، ما جاء في معرض حديث أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي ، في كتابه المنتظم في التاريخ عن أحداث عام 381هـ ، فيقول :
"وفي هذه السنة حجَّ بالناس أبو الحسن محمد بن الحسين بن يحيى العلوي وكذلك سنة اثنتين وثلاث وكان أمير مكة أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي فاتفق أن أبا القاسم بن المغربي حضر عند حسان بن المفرج بن الجراح الطائي فحمله على مباينة العزيز صاحب مصر وقال : لا مغمز في نسب أبي الفتوح والصواب ان تنصبه إمامًا فوافقه ومضى المغربي إلى مكة فاطمع أبا الفتوح في الملك وسهل عليه الأمر فأصغى الى قوله وبايعه شيوخ الحسنيين وحسن له أبو القاسم المغربي أن أخذ قبلة البيت وما فيه من فضة وضربه دارهم ( دراهم ) فاتفق أنه مات بجدة رجل يعرف بالمطوعي وعنده أموال للهند والصين وخلف مالا عظيمًا فأوصى لأبي الفتوح بمائة ألف دينار ليصون بها تركته والودائع التي عنده فحمله المغربي على الإستيلاء على التركة فخطب لنفسه بمكة وتسمى بالراشد بالله وصار لاحقا بآل الجراح فلما قرب من الرملة تلقاه العرب وقبلوا الارض بين يديه وسلموا عليه بأمير المؤمنين ولقيهم راكبًا على فرس متقلدًا سيفًا زعم أنه ذو الفقار وفي يده قضيب ذكر أنه قضيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله جماعة من بني عمه وبين يديه ألف عبد أسود فنزل الرملة ونادى بايضاء العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فبلغ العزيز هذا فانزعج وكتب إلى حسان ملطفات وبذل له بذولا كثيرة وآل المفرج واستمال آل الجراح كلهم وحمل إلى أولاد المفرج أموالا جزيلة حتى فلهما عن ذلك الجمع وكتب الى إبن عم الفتوح فولاه الحرمين وانفذ له ولشيوخ بني حسن مالا وكان حسان قد انفذ والدته الى مصر بتذكرة تتضمن اعراضا له وسال في جملتها ان يهدي له جارية من اماء القصر فاجابه الحاكم الى ما سأل وبعث اليه خمسين الف دينار واهدى له جارية جهزها بمال عظيم فعادت والدته بالرغائب له ولابيه فسر بذلك واظهر طاعة العزيز ولبس خلعة وعرف أبو الفتوح الحال فايس معها من نفسه وركب الى المفرج مستجيرًا به وقال: انما فارقت نعمتي، وابديت للعزيز صفحتي، سكونا الى ذمامك، وانا الان خائف من غدر حسان فابلغني مامني وسيرني الى وطني فرده الى مكة وكاتب العزيز صاحب مصر واعتذر اليه فعذره "
فبنو الجراح هم أمراء اﻷردن وفلسطين من بداية الفتوحات اﻷسلامية ، بلا منازع ، حيث تجمعت سلائل طيء في البلقاء أولا، افواج قدمت من الحجاز ، وهم من بني لام من جديلة طيء ، وأفواج اخرى قدمت من العراق ، وهم بطون اياس بن قبيصة الطائي ، ملك العرب والفرس يوم ذيقار ، وكان على رأسهم رافع بن عميرة الطائي ،صهر خالد بن الوليد ودليله الى بصرى الشام ، وهم من بني هني من الغوث طيء ، ثم نقلوا مركز امارتهم الى الرملة في القرن الرابع الهجري ، وقد تبنوا اﻷنفصال عن الفاطميين ، لكنهم خسروا معركة اﻷقحوانة في غور اﻷردن الشمالي ، مع احلافهم بنو كلب امراء دمشق ، وبنو كلاب امراء حلب .
وكانت اﻷمارة الطائية في اﻷردن وفلسطين لآل الجراح على كافة بطون طيء ، وجراح هو: جراح بن شبيب بن مسعود بن سعيد بن حرب بن السكن بن ربيع بن علقى بن حوط بن عمرو بن خالد بن معبد بن عدي بن أفلت بن سلسلة بن غنم بن ثوب بن معن بن عتود بن حارثة بن لام الطائي.
وهنا اقتطف الجزئية الخاصة بأجدادنا بنو الجراح مما جاء في مقالة السيد زياد أو غنيمة من سرد :
"ويذكر المؤرخ مصطفى مراد الدباغ في الجزء الثاني من القسم الثاني من كتابه (بلادنا فلسطين) أن عائلة ابو الهدى في نابلس تلتقي بقرابة ابناء العمومة مع عائلتي آل الجوهري وآل الخماش ، في نابلس ، ويشير الى أنهم يذكرون انهم يرجعون بجذورهم الى بني الجراح قبيلة الصحابي الجليل امين الأمة ابو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه ، وبنو الجراح ينحدرون من قبيلة بن الحارث بن فهر بن مالك بن قريش من العرب العدنانية ، ويشير الدباغ في الجزء الرابع من القسم الثاني من (بلادنا فلسطين) الى ان بنو الجراح انشأوا امارة لهم في البلقاء وباديتها وفي جوار القدس وامتد نفوذهم الى الرملة وناحيتها ، ويذكر ان بني الجراح خرجوا على طاعة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمره ، واستدعوا صاحب مكة (حاكمها) ابو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي الحسني الى الرملة ، فاستجاب لهم وقدم الى الرملة ، فبايعوه بالخلافة ، فقام الحاكم بأمر الله بإرسال حملة عسكرية تغلبت على بني الجراح وشتت جمعهم ."
وعلاوة على خلطه في الأنساب ، فقد شط هو والدباغ بالتاريخ ، بعيدا عما ذكره مؤرخوا ذلك العصر الذين لم يقولوا بأن الفاطميين ارسلوا عساكرهم لتشتيت بني الجراح ، بل انه أغراهم بالمال الوفير فأرسل الى حسان خمسين الف دينار ، ووسع مملكتهم لتشمل الشراه ، وارسل جارية حسناء من جواري قصره الى الأمير الطائي حسان بن المفرج الطائي استرضاء له.
ليس لدي اي شك بعد هذا من ان اﻷستاذ ابو غنيمة سيسارع الى تصحيح مقالته في نفس صحيفته ، وان يراجع كتب التاريخ المشار اليها في هذه الرسالة . ( إنتهت الرسالة )
ولي تعليق :
أولا : بداية أسارع ، بعد أن نشرت الرسالة كاملة دون حذف كلمة واحدة منها إلى إبداء أسفي الشديد لوصف كاتب الرسالة أحدَ شيوخ المؤرَِّخين العرب الأستاذ مصطفى مراد الدبَّـاغ بأنه ( حاطب ليل ) ، وهو وصف غير منصف بل هو شتيمة للأستاذ الدبَّأغ الذي أهدى المكتبة العربية كتابه الموسوعي ( بلادنا فلسطين ) الذي يتحدث في أجزائه العشرين عن معظم مدن وقرى وخرب وقبائل وعشائر وعائلات فلسطين والأردن ، بالإضافة إلى العديد من الكتب الأخرى ، أقول هذا ولا أدَّعي العصمة لأحد ، لا لنفسي ولا للدبَّـاغ ولا لغير الدبَّاغ ، فكل يؤخذ منه ويردُّ عليه إلا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه من أنبياء الله ورسله ، مثلما لا أنكر على كاتب الرسالة ولا على أي أحد أن يردَّ كما يريد على الأستاذ الدبَّـاغ وعلى غير الدبَّـاغ ، ولكن ليس على طريقة وصفه بِ ( حاطب ليل ) وهو وصف أراه شتيمة ً أكثر منه نقدا .
ثانيا : منذ أن بدأت في نشر حلقات هذه الدراسة وأنا أكرِّر التنويه بأنني لا آتي بكلمة واحدة من عندي ، وإنما أنقل بأمانة ما أجده من روايات حول أصول العشائر والعائلات في الكتب والمراجع المتاحة لي التي أحرص على ذكر أسمائها وأسماء مؤلفيها ، ثمَّ أترك المجال للمهتمين بأنسابهم أن يُـعزِّزوا الروايات ، أو ينفوا صحتها ، أويصوِّبوها ، أو يضيفوا معلومات جديدة إليها ، ولكن دون تجريح ، ومن هنا فإن تحميلي مسؤولية ما يرد في أية معلومة أنقلها هو تعسُّـفٌ لا يستقيم مع المنطق .
ثالثا : قلت مرارا إن الدراسة تختص بالعشائر والعائلات الأردنية والفلسطينية التي شاركت في حكومات أردنية في عهدي الإمارة والمملكة ، ويحصل أحيانا أن تأتي بعض الروايات على ذكر عشيرة أو عائلة أخرى في سياق بعض الروايات كما حصل في رواية الأستاذ الدبَّـاغ عن آل أبي العون حيث ورد ذكر بني الجرَّاح ، وهي ليست الرواية الوحيدة عن أصول بني الجرَّاح ولكنها رواية من عدَّة روايات عن أصول بني الجرَّاح وسأتحدَّث في حلقة قادمة بإذن الله عزَّ وجلَّ عن أصول بني الجرَّاح كما وردت في روايات الكتب والمراجع المتاحة لي .
رابعا : يقع كاتب الرسالة في تناقض حول الخلاف بين بني الجراح والدولة الفاطمية ، ففي بداية رسالته يقول حرفيا : " ثمَّ نقلوا ( بنو الجرَّاح ) مركز إمارتهم الى الرملة في القرن الرابع الهجري ، وقد تبنوا اﻷنفصال عن الفاطميين ، لكنهم خسروا معركة اﻷقحوانة في غور اﻷردن الشمالي ، مع أحلافهم بنو كلب أمراء دمشق ، وبنو كلاب أمراء حلب " ، ثم يقول حرفيا في نهاية رسالته : " بعيدا عما ذكره مؤرخوا ذلك العصر الذين لم يقولوا بأن الفاطميين أرسلوا عساكرهم لتشتيت بني الجراح ، بل إنه أغراهم ( الخليفة الفاطمي ) بالمال الوفير فأرسل الى حسَّان خمسين ألف دينار ، ووسع مملكتهم لتشمل الشراه ، وأرسل جارية حسناء من جواري قصره إلى الأمير الطائي حسَّـان بن المفرج الطائي استرضاءً له " .
*******
إعداد : زياد أبو غنيمة
لتصويباتكم.. وتعقيباتكم.. وإضافاتكمتلفاكس 4206999
البريد الإلكتروني Ziad_1937@yahoo.com
ص ب 927666 الرمز البريدي 11190
*****************
تحذير : ( لا يُسمح بإعادة نشر حلقات هذه الدراسة أو أي جزء منها أو تخزينها في نطاق إستعادة المعلومات أو نقلها بأي شكل من الأشكال دون إذن خطـِّـي ٍ مسبق ٍ من معدِّ الدراسة )
**************
تنويه ... ورجاء
• أما التنويه: فإن هذه الدراسة التي استغرقني تحضيرها عدَّة سنواتٍ هي حصيلة جهد فردي غير معصوم عن الخطأ أو النسيان ...
• وأما الرجاء: فأرجو من كل من يجد في هذه الدراسة خطأً أو نقصاً في معلومة أن يعذرني وأن يتلطَّف بتصويب الخطأ أو بإكمال المعلومة الناقصة، أو بإضافة معلومة جديدة ، مع رجاء الإلتزام بأدب الخطاب والبعد عن التجريح .
*********