لماذا الحرب ؟!

تم نشره الإثنين 10 نيسان / أبريل 2017 01:24 صباحاً
لماذا الحرب ؟!
محمد كعوش

قال شهيد الحرية والعدالة والمساواة مارتن لوثر كينغ: « الحرب هي الأزميل السيء لنحت الغد « ، اما نيتشه فقد قال: «الحرب هي شتاء أو وقت سبات الحضارة « ، لكن بسمارك برر شن الحروب فقال أن « اسئلة التاريخ العظيمة لا تحسمها الخطب بل الدم والحديد «.

يبقى السؤال: لماذا الحرب ؟!

أجاب على هذا السؤال القديم – الجديد الكاتب والأستاذ الجامعي الأميركي ريتشارد نيد ليبو في كتابه بعنوان « لماذا تتحارب الأمم « قال ان دوافع الحرب تتمثل في اربعة عناصر: الخوف ، المصلحة ، المكانة ، الأنتقام ، أما الحروب القديمة التي نشبت بحجة الأمن فهي قليلة حسب رأي الكاتب.

قبل الحديث عن هذه العناصر نعود الى الوراء قليلا، واعني الى عصور الأمبراطوريات العظيمة التي احتل قادتها مساحات واسعة من ألأرض كما في صفحات التاريخ نتيجة الفتوحات الواسعة بواسطة السيف والقوة العسكرية ، وهي الحروب التي أثرت في الحضارات وثقافة الشعوب ،وعلى سبيل المثال ، ففي عصر الأمراطورية الرومانية كانت اللاتينية هي لغة العالم ، اما اليوم فالعالم يتعلم ويتكلم الأنجليزية بوجود امبراطورية قوة المال والهيمنة العسكرية ، واقصد الولايات المتحدة الأميركية.

وبهذه المناسبة ، يجذبني الحديث عن واحد من أقدم وأهم الرموزالعسكرية في التاريخ القديم وهو الأسكندر المقدوني ، ليس لفروسيته وشجاعته فحسب بل لثقافته وبلاغته وحكمته ومعرفته الفلسفية ووسامته ايضا ، ثم انتقل للحديث عن الولايات المتحدة لأن خياراتها العسكرية أكثر من خياراتها السياسية في حل المشكلات والأزمات.

يحكى ان الأسكندر ، وهو التلميذ النجيب للفيلسوف الأغريقي ارسطو أراد أن يعيد لبلاده مكانتها ، فزحفت جيوشه الى الشرق حتى فرض سلطته من سمرقند حتى النيل ، وقيل انه اراد الجمع بين حكمة وروعة الشرق وبين التفكير المنطقي وحيوية الأغريق. وعندما توجه الى بلاد فارس قام بتوزيع كل ممتلكاته على اصدقائه ، فسألوه: ماذا تركت لنفسك ؟ فرد بكلمة واحدة: « ألأمل».. ولم يخذله الأمل ، فقد حقق حلمه ، ولكنه توفي شابا في قصر «نبوخذ نصر» في العراق.

في صفحات التاريخ نقرأ أن الأمبراطوريات القديمة سقطت وانتهت ، لتفسح لنا مجال الحديث عن الحاضر حيث نعيش في عصر امبراطورية جديدة هي رمز الرأسمالية العالمية وتملك أكبر قوة عسكرية ، ولديها حلمها ومشروعها لفرض هيمنتها على العالم منفردة بقوتها المالية والعسكرية.

ولكن الرئيس ترامب ليس الأسكندر الكبير ، ولا تعلم على يدي ارسطو ، فالرئيس قادم من عالم المال والأعمال وليس من عالم الثقافة السياسة. لذلك لا نحتاج الى الكثير من العناء لندرك حجم الأرتباك في اتخاذ القرارات داخل الأدارة الأميركية ، لدرجة اصبح فيها من الصعب معرفة الأتجاهات التي تسير فيها هذه الأدارة ، الا أن الرئيس ترامب أعلن عزمه على اعادة الولايات المتحدة الى مكانتها ومجدها ، وقد يكون قرار الضربة الصاروخية لمطار الشعيرات السوري خطوة في هذا الأتجاه لأسباب داخلية وخارجية ، لأن هذه العملية تحمل رسائل الى الداخل الأميركي والى سوريا وروسيا وايران ، وربما كوريا الشمالية أيضا.

بعد هذه الضربة العسكرية الأولى لا شك أن الرئيس ترامب أدرك أنه انتهج سياسة عالية المخاطر ، بعدما وضع العالم على حافة حرب اوسع وأشمل وبشكل أعاد الى الذاكرة لحظات ازمة الصواريخ في كوبا عام 1962 ، حين أوصل الرئيس جون كنيدي العالم الى حافة الحرب النووية ، الا أن كنيدي نجح في تجاوز الأزمة وحلها سياسيا بفضل حكمته وصبره والجهد الدبلوماسي ، كما نجح في المناورة والتلويح بالقوة بدلا من استخدامها.

وعندما نتحدث عن الولايات المتحدة كأمبراطورية معاصرة لأنها أكثر دولة خاضت حروبا ولا تزال ، على الر غم من تراجع قبول دخول حروب جديدة من قبل الجمهور والنخب المثقفة في اميركا لأسباب مادية وفكرية وفي مقدمتها ارتفاع كلفة الحرب من حيث هدر الأموال وارتفاع الخسائر في الأرواح ، ولأسباب اخلاقية ايضا ، خصوصا ان « الشعب الأميركي شعر انه تعرض للخيانه بعد اكتشاف الحقائق بعد غزو العراق « حسب ما نشره الكاتب الأميركي ليبو في كتابه « لماذا تتحارب الأمم «.

في النهاية نقول ان الحروب لم تعد فروسية ومجد وانتصارات ، بل تحولت الى رمز للرعب اللآاخلاقي والترويع اللاانساني ، والقتل الجماعي. وهذا الواقع سيعيق تطلعات ادارة البيت الأبيض المستقبلية نحو حروب جديدة ، وستكبت شهوة الحرب عند الرئيس ترامب ، بسبب حجم الخسائر البشرية المتوقعة ، كذلك سيجد الرئيس نفسه مقيدا بارادة الرأي العام ألأميركي والمعارضة الداخلية ، كما أن الديمقراطية تفرض المزيد من القيود خصوصا المتعلقة برغبة وقرارات الكونغرس التي يعتقد كل رئيس اميركي انها تنال من مصداقيته.. ورغم ذلك تبقى الأبواب مفتوحة أمام كل الأحتمالات !!

الراي 2017-04-10



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات