هل بدأت «معركة استرداد غزة»؟
لا تخطىء عين المراقب الفاحص لجملة التصريحات التي أطلقت حول الوضع الحالي في غزة، رؤية حقيقة كبيرة بدت قبل فترة وكأنها محض تكهنات وتسريبات وسيناريوهات محتملة، وها هي بدأت تتحول إلى وضع «التنفيذ» الفعلي على الأرض، عبر خطوات عملية، يمكن اعتبارها بمثابة «معركة استرداد غزة»، وللوهلة الأولى ينصرف الذهن إلى أن هذه المعركة ربما كانت أحد قرارات قمة العرب الأخيرة، وبعض الظن إثم، لكن كثيره ليس كذلك طبعا!
من مظاهر هذه المعركة التي بدأت للتو، جملة من المؤشرات التي لا تحتمل التأويل، ومنها مثلا، ما تم تسريبه أخيرا لسيناريو متوقع في الأسابيع القادمة، يتضمن قيام الرئيس محمود عباس لعرض «خارطة طريق» على حماس لقبولها و ليس التفاوض عليها، عنوانها..سلم تسلم وفي حال رفض حماس للتفاهم وليس المصالحة (فقد ولى زمن المصالحات!) بل التفاهم سيكون هناك مسلسل من الإجراءات ومنها: أزمة كهرباء حادة، وقف مستحقات التنظيمات والأسرى والشهداء، إحالة الجميع للتقاعد ضمن خطة مدروسة، اقفال المعابر، وقف تمويل كل الوزارات التي ترسل أموالها من الضفة الغربية، موقف عربي موحد مدعوم أمريكيا وإسرائيليا للسيطرة على القطاع بالقوة، وهكذا يتم تمهيد الطريق لتمرير الحل الإقليمي الذي كتبنا عنه هنا في وقت سابق، نقلا عن موقع إعلامي عبري مشهور، هو «وللا» وتحدثنا فيه عن ملامح «الحل» الذي لا يمكن أن يمر في ظل وجود «الانشقاق» فلا بد من توحيد «الوطن» قبل تنفيذ الحل الجديد، وللذكرى فقط، نقول إن أهم ملامح ذلك الحل الذي نشر باعتباره اقتراحات للرئيس الأمريكي ترامب: على الفلسطينيين العودة إلى المفاوضات دون شروط مسبقة، ومشاركة عدد من الدول العربية الحليفة، ولن يكون هناك تجميد كامل للبناء الاستيطاني ولكن لن تقام مستوطنات جديدة، وعلى السلطة محاربة المقاومة ضد إسرائيل، إجراء تغيرات حقيقية في النظام التعليمي الفلسطيني وتغيير أسماء شوارع سميت بأسماء شهداء، مع وقف التحريض عبر وسائل الإعلام الفلسطينية، توقف السلطة عن دفع رواتب لأسر الشهداء والأسرى في السجون الإسرائيلية، التحقيق مع المشبوهين بالمقاومة لمعرفة من خطط للعمليات، ومن أرسلهم ومن زودهم بالسلاح والمواد المتفجرة، واعتقال كل من هو متورط وتقديمه للمحاكمة، إصلاحات في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، والتوقف عن تحويل أموال إلى قطاع غزة لأن ذلك يساهم في تمويل مصروفات حركة حماس، ومقابل هذا، تتفهم أمريكا حاجة الفلسطينيين إلى مساعدات مالية، وتحسين الظروف المعيشية للسكان، وتتعهد الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب على مواصلة دعمها لفكرة حل الدولتين، وأي دولتين!
لا يمكن ان نفهم الآن سر الحملة على غزة، في وسائل الإعلام الفلسطينية التابعة للسلطة إلا باعتباره البدء بتنفيذ المخطط، (خطبة الجمعة التي ألقاها الهباش جزء من هذا الإعلام طبعا، ووصف فيها غزة بمسجد الضرار، الذي حرقه الرسول عليه الصلاة والسلام!) وحتى الآن ترفض حماس كل ما أعلن، ويبدو أننا مقبلون على صيف ساخن جدا، في ظل إعلان رسمي أن وفدا فلسطينيا من رام الله في طريقه لغزة «لإبلاغ» حماس بالحل الجديد، وليس للتفاوض على مصالحة!
الدستور 2017-04-16