لماذا ستفشل المناطق الآمنة في سوريا؟
الاقتراح الروسي في الأساس كان يتحدث عن إقامة «مناطق لتخفيف التصعيد» في معاقل فصائل المعارضة المسلحة في محافظة ادلب وأجزاء من محافظة حمص في الوسط، إضافة إلى مناطق في الجنوب وفي الغوطة الشرقية التي تسيطرعليها المعارضة قرب دمشق.
اول أسباب فشل هذا الاتفاق، التي سنراها خلال أيام، دخول ايران على الخط، وبرغم انها لاعب أساس في الازمة السورية، الا ان كونها شريكا في الاتفاق، سيدفع اطرافا كثيرة، لافشاله، من باب صفع طهران، حتى لو كان ذلك على حساب السوريين، وحدهم، وقد رأينا انسحاب شخصيات سورية معارضة، من الاستانة 4 احتجاجا على شراكة ايران، وما يمكن تسميته الإقرار والاعتراف بعدم القدرة على تجاوز ايران، وهو اعتراف اقر به حتى الاتراك، بقبولهم الاتفاق، وتقديمهم انفسهم ضامنا له.
يضاف الى ماسبق ان الجماعات العسكرية الميدانية، وخصوصا، تلك المتشددة من داعش وغيرها من جماعات، سوف تسعى الى كسر الاتفاق، واستدراج الروس والإيرانيين والسوريين الى تصعيد جديد، من باب ان هذه الجماعات لا تعترف أساسا، بكل الأطراف التي وقعت الاتفاق، وقد لا يمتلك الاتراك القدرة على ضبط كل الجماعات، برغم تورطهم في ضمانة اتفاق، يعرفون هم مسبقا، ان هناك وسائل كثيرة لخرقه.
هناك اطراف إقليمية ودولية كثيرة، من بينها إسرائيل، لا تريد للتهدئة ان تتم، ولا للاتفاق ان ينجح، في سياق إصرارها على افشال الإيرانيين، من جهة، ورغبتهم باستمرار الصراع في سوريا، بما يؤدي فعليا الى تقسيم سوريا، وليس للتهدئة، او الوصول الى تسوية سياسية، بين جميع الأطراف، وهذه القوى لها امتداد داخلي، وقادرة عبر أدوات كثيرة، على افشال الاتفاق، عبر عمليات، تؤدي الى رد فعل، وبالتالي انهيار كل الخطة، وهذا السبب الثالث المهم.
مايمكن قوله بصراحة، ان تناقض الحسابات، بين الأطراف المحلية، والإقليمية، سيؤدي الى افشال اتفاق المناطق الامنة، ولكل طرف مصلحته، يضاف الى ماسبق، ان القدرة على حض السوريين على العودة الى مناطقهم في المناطق الامنة، تبقى محدودة جدا، في ظل عدم الثقة، بهكذا اتفاقات، ثبت بطلان كل ماسبقها، ولن يغامر السوريون من أبناء هذه المناطق، بالعودة اليها، خلال هذه الفترة فقط.
الاميركيون بدورهم برغم انهم ليسوا طرفا معلنا في الاتفاق، الا انهم لم يعارضوه، والمؤكد هنا ان لهم مصلحة كبرى، في انهيار الاتفاق، نكاية في الروس، إضافة الى ان واشنطن باتت تؤيد نوعا جديدا من المناطق الامنة، وهي مع إقامة اربع مناطق آمنة ذات لون مذهبي او طائفي، بحيث تكون هناك منطقة للدروز، وأخرى للعلويين، وثالثة للسنة، ربما رابعة للمسيحيين، باعتبار ان جمع أبناء المكون الواحد في منطقة واحد، يجعل المنطقة اكثر امنا، واقل احتمالا لاي إشكالات، وهذا يعني ان واشنطن لاتريد مناطق آمنة على أساس وطني، يجمع السوريين وحسب، كما في النموذج الروسي، بل يريدون مناطق آمنة تكون بذرة لدويلات، وتوطئة للتقسيم، وهذا يعني فعليا، ان هذا سبب إضافي، سيجلعهم يلعبون دورا هاما في افشال الاتفاق الأخير، عبر أدوات محلية وإقليمية.
ضمانة الاتراك للاتفاق، محرجة، لانها هنا، تقر أيضا، ان لها صلات بالجماعات المسلحة، دون ان تستثني أحدا، وبرغم الإقرار الظاهر، الا ان انقرة، قدتكون معنية في لحظة ما، من رفع يدها عن الاتفاق، لان الخروقات المحتملة، سوف تصب بالاتهام على الطرف الضامن، إضافة الى ان لااحد يعرف حتى الان، الاليات التي يمكن عبرها تطبيق الاتفاق، وسط هذه الخلطة الغريبة، من وجود المعارضة في هذه المناطق، ووجود جهات عربية وإقليمية ودولية تراقب أي خروقات، وأيضا وجود قوات النظام.
نحن امام استعصاء في الازمة السورية، يقول مبكرا، ان جهات كثيرة، ستجتمع على قرار واحد، أي توجيه صفعة مدوية للروس والإيرانيين، والتسبب ضمنيا بإحراج الاتراك، فيما الثمن يتنزل فقط على موائد السوريين.
الدستور 2017-05-07