أعراض ليست جانبية!!
بعد هدم سور برلين انصرف عدد من الباحثين الألمان في علميْ النفس والاجتماع الى دراسة الآثار النفسية والاجتماعية والثقافية للانشطار الالماني، ومنهم من وجد ان السور شطر اللغة ايضا الى ما يشبه اللغتين، رغم ان المفردات في القواميس واحدة، لكن كلمات كالشرطي والحرية والرأي وغيرها اصبحت تعني دلالات مختلفة، ولو قرر فريق باحثين من العرب الانصراف الى دراسة واستقراء ظواهر سادت في المجتمعات العربية خلال السنوات الست العجاف التي حملت اسماء مضللة كالربيع والفوضى الخلاقة والثورات لوجدوا ان حالات الاحتقان والتوتر ادت الى المزيد من تفسخ النسيج الاجتماعي، فقد ارتفعت نسبة الطلاق بشكل ملحوظ في بعض المجتمعات العربية كذلك نسبة الجريمة على اختلاف الاسباب والاشكال، وحين قرأت قبل يومين عن رئيس محكمة الجنايات في عاصمة عربية اطلق النار على شاب بعد ان حصل بين الاثنين احتكاك لسبب تافه ادركت ان ما يقال عن نتائج التوتر النفسي ليس بعيدا عن الحقيقة، فالعربي الذي يسمع ويشاهد على مدار الساعة من مختلف الفضائيات ما يصيبه بالغثيان وعسر الهضم العقلي والاحباط قد لا يدرك ما طرأ عليه من مُتغيرات.
وكان من واجب ذوي الاختصاص ان يهتموا بهذا الامر، لكن القطيعة المتفاقمة بين النّخب ومجمل الناس جعلت من مثل هذه الشجون رفاهية لا وقت لها ولا مُبرّرا!
ومن يزعم منا جميعا انه استطاع الاحتفاظ بتوازنه خلال هذه الاعوام هو آخر من يعلم بما جرى له ، حتى المصائر الاشبه بكوميديا سوداء والتي لقيها زعماء عرب ادت الى نتائج سوف تتضح آثارها في المستقبل القريب لأن من شاهد اباه وهو يصفق لرئيس ويزهو بالتقاط صور معه ولو عن بعد ثم رآه يضرب الصورة بالحذاء او يبصق عليها سيشعر بالتأكيد بأن هناك خللا سياسيا واخلاقيا وبالتالي سيشك في معظم ما سمعه من نصائج البالغين، وقد تستشري حالة من العدمية الثقافية والانفلات الاخلاقي لدى جيل ضبط آباءه متلبسين بكل تلك المتناقضات!!
الدستور 2017-05-07