ملاعب كرة القدم.. أين هيبة الدولة ؟
كل مباراة «كرة قدم» يتجدد السؤال مرة أخرى عن «هيبة الدولة»، الموضوع لم يعد يتعلق بجمهور اندية كرة القدم انما ما يطرحون من هتافات وشعارات تتعدى حدود ساحة ملاعب الكرة.. مدارج الملاعب تبقى مخزنا لا ينفد بانتاج الكراهية والحقد الاجتماعي البغيض.
من يحضر مبارة كرة قدم، يدرك أولا واخيرا أين تذهب طاقات الشباب الاردني ؟ ويدرك ايضا ما الذي يصيب عقول الشباب من انحراف وتشويه بالفكر والعقيدة الوطنية، ويدرك أيضا انه من شقوق مدرجات ملاعب الكرة ينمو خطاب بغيض مغسول بالكراهية.
واحد من التصورات التي حاولت جهات رسمية تطبيقها على مباريات كرة القدم، عندما قررت اقامة مبارايات دون جمهور، الحل منطقي وعملي، ولربما أنه قد يجلب للجمهور المتعطش للاستمتاع برياضة كرة القدم بعيدا عن حروب ومعارك الاستقطاب الرياضي الكروي، وما قد تولد بالمجتمع من حروب كراهية.
ما يردد من هتافات وشعارات على مدرجات ملاعب كرة القدم يمس اولا هيبة الدولة، وما يجعل من السؤال عن الهيبة امرا مربوطا بالكيفية التي تصيب مفهوم الدولة والوطن والمواطن، ولا تعرف الحدود بين الممكن والمستحيل « الممنوع « فيما يتم انتاجه من هتافات وشعارات صفراء.
ولربما ليس المطلوب وقف مبارايات كرة القدم في حد ذاتها، ولكن التفكير في الآليات للجم انتاج هكذا خطاب مغسول بنعرات الكراهية :الجهوية والاقليمية. ما يردد على مدارج ملاعب كرة القدم يفضح خيال الاردنيين الفقير والمضمور بكراهية الاناء، عداء واضح ومتبادل منطقه ومعاييره ليس كرويا بحتا.
من يتصور من الأطراف الرسمية المعنية بان ما يهمه مرور مباريات كرة القدم بسلام، فتلك هي الخيبة الثقيلة بام عينها، وتعني ببساطة شديدة أن هيبة الدولة ستبقى على محك حروب ومعارك الاقتتال الرياضي، وبهذه النظرة الضيقة ومحدودة الذكاء فانها ستبقي معركة استرداد الهيبة مفتوحة ومدارج كرة القدم ساحاتها المرئية واللامرئية.
في السؤال عن «هيبة الدولة» لربما يذهب لنطاق اوسع، ولا بد من ادراك أن المتغير الاساس بالتحول نحو دولة « العدالة والحرية الديمقراطية « بتعرف المواطن على حقوقه وواجباته، وكرة القدم ليست مسألة عادية، فما يتصور بعض المتكسبين وصناع المؤامرات بانهم سيبقون مستفيدين ومتنفعين من الخيبة التي يحمونها بجماهير تضل طريق الصواب.
فمتى نرى لعبة كرة القدم ينظر اليها لعبة رياضية مجردة ؟ لعبة يمكن أن تقف احتراما واجلالا لمهارة وفن وذوق لاعبيها، بعيدا عما تنتجه ماكينات الملاعب وما يقام من مذابح تقتل الابداع الرياضي وتكسر هامات رياضية صلبة وقويمة، وتحولها الى حروب مصالح ضيقة تتآمر أولا واخيرا على متعة وذائقة الجماهير الرياضية.
الدستور 8/5/2017