نعـــم.. لإضـــراب الكرامــة
25 يوما والأسرى الفلسطينيون الأبطال صامدون في سجون الاحتلال الصهيوني يشهرون سلاحهم الوحيد « الامعاء الخاوية « في مواجهة وحشية وغطرسة الاحتلال الاسرائيلي. 25 يوما واكثر ما قدمه الضمير العربي النائم والمسلوب تنديد عقيم لا يرقى الى مستوى رد الفعل الملائم لحجم الموقف النضالي الانساني الذي يقدمه الاسرى وما يحمله من رسالة الى العالم.
فلسطين وإن تشتت العرب جراء حروبهم وصراعاتهم الاهلية العقيمة تبقى هي البوصلة والنجم المضيء لدروب الظلام العربي الحالك، وحدهم ثلة من الابطال في سجون الاحتلال يقاتلون بسلاح سلمي من اجل كرامتنا القومية والانسانية المعلقة على احبال شلالات الدم المسال في حروب الردة والطائفية المقيتة في ربوع بلاد العرب.
«اضراب الكرامة « وكما هي انتفاضة السكاكين الاخيرة، جولات جديدة في زراعة الامل والتفاؤل في الوجدان العربي، هي لحظات تبوح للعالم بسر صمود الفلسطينيين في مواجهة أقدم احتلال في التاريخ الحديث، وهي صرخة حرة في مقاومة من يروجون الى تصفية القضية الفلسطينية ومن يأخذون العرب الى مزيد من الانهيارات والحروب الاهلية.
«اضراب الكرامة « هو الاطول والاكثر تحشيدا داخل سجون الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 68، حيث تعود بنا الذاكرة الى اضراب سجن نابلس، وهو اول اضراب جماعي للاسرى في سجون الاحتلال، مواجهة بالامعاء الخاوية دفع ثمنها 5 شهداء نستعيد اليوم ذكرهم الطيب والطاهر والمعطر بانفاس الشهادة باجلال واكبار وهم : حسين عبيدات وراسم حلاوة وعلي الجعفري وعبدالقادر ابو الفحم، واسحق مراغة.
مواجهة يبدو أنها غير قابلة للانقطاع، حرب بالامعاء الخاوية عندما تفشل كل اتفاقات السلام بتحقيق ادنى الحقوق لاسرى يقبعون في سجون الاحتلال بظروف وحشية وقاسية. هي ذات ظروف الاعتقال التي تتحوط بالابطال قبل اوسلو وبعدها، بل أن غطرسة ووحشية الاحتلال زادت في زمن السلام الكاذب والوهن والمخادع، فحتى الملح الذي خبأه الاسرى الى جانب الماء ليساعدهم كذخيرة في حربهم السلمية على تحمل الاضراب عن الطعام فان الاحتلال قام بمصادرته.
الاحتلال الاسرائيلي يزداد قسوة وعنفا وشراسة ضد الفلسطينيين، اسرائيل تعبر بقوتها المستهترة بالعالم والمفرطة بالقمع وضروب الاحتلال عن خوف داكن عميق لا مرئي من أي حراك للاحرار، وحتى من يقبعون خلف الاشباك في سجون الاحتلال، لربما هي صورة تاريخية لمحتل يعرف في قرارته انه خاسر للقضية وان الاحتلال سيزول اليوم أو غدا، هكذا علمتنا دروس التاريخ بان الاحرار يصنعون استقلال وحرية اوطانهم.
غاندي ومانديلا حررا وطنيهما بالعصيان السلمي، واليوم مروان البرغوثي وثلة من الاسرى الابطال يقدمون للعالم درسا جديدا في النضال السلمي، حولوا اجسادهم في السجون الى سلاح مليء بالارادة والعزيمة والتصميم في معركتهم النضالية من اجل الكرامة والحرية الوطنية، توحدوا على قضية واحدة دون اي اختلاف فصائلي وتنظيمي وعقائدي.
ولربما أن كلامها مهما اتسع مداه فانه لا يضيف شيئا، والعالم العربي باوطانه ومدنه وقراه تعيش شعوبه على فوهة بركان ثائر يبحث عن الكرامة والحرية الوطنية والانسانية. فهذا أكثر ما قد تقرأه وانت تتابع امواج الرأي العام العربي الغاضب والساخط على كل ما يجري من مؤامرات على الاوطان بتفتيتها وتقسيمها هوياتيا وطائفيا.
نعم، نحتاج جميعا في العالم العربي الى أن نربط على أمعائنا ونعلن الانضمام الى» اضراب الكرامة « ومعركته الشرسة، فلعلها تكون رسالة مدوية للعالم الذي يخسر انسانيته ومدنيته، يهيج عظماؤه الكبار بانتاج الحروب والفوضى والوحشية المفرطة، فالاضراب هو ما تبقى من سلاح بايدي شعوب مظلومة ومقهورة ومسلوبة الحرية والارادة.
الدستور 10/5/2017