إنتاج الحريم!
كلما ازدادت صواريخ «العدو» (أي عدو، من أبناء جلدتنا، أو جلدتهم!) شراسة في تقطيع أجساد ضحايانا، نساء وأطفالا وشيوخا، أمعن خبراء الفيديو كليب في «توظيف» قطع معينة من أجساد «المُطالِبات» بالمساواة والإنصاف والمحاصصة السياسية والاجتماعية، في إسالة لعاب المشاهدين، وحك شهواتهم، لكأن هناك سباقا غير معلن، بين طرفين لبيع الأجساد بالقطعة!
حركة الكاميرا العربية، فيما يسمونه «اللغة السينمائية»، لها طريقة خاصة في عرض «المُنتَج» الأنثوي، إذ تتحرك بما يشبه المسح الضوئي، على التضاريس الأكثر تعبيرا عن «تسليعها» وتقطيعها، كتوابل تستفز الحالة الذكورية، وتستنهض «الهمم» الجنسية، لا القومية، أملا في تحقيق أكثر مبيعات ممكنة، والكاميرا العربية إذ «تبدع» في هذا العرض «الاستربتيزي» تجدها وقد تلجلجت واضطربت، وأصابها العمى، وفقدت كل لياقتها الفنية، حين تقع «عيناها» على مشهد حقيقي، ينطق بالعورات العربية (فقر، بؤس، لحظة حرية شاردة، صراحة، نقد يسمونه جارحا عادة..الخ) فتجدها تتخير للعرض، الجانب الضاحك من الكوميديا السوداء، المتمددة على مساحة تغطي «اليابسة» المتشققة هما وغما، من المحيط إلى الخليج!
ثمة ماراثون مشحون بالشهقات المكبوتة، يفرخ كل شهر تقريبا، كباريه او ناديا ليليا، يسمى فضائية، تتخصص في بث منتجات أصبحت أكثر «جرأة!» و»كرما» في استلهام المدرسة «الشاكيرية» نسبة لشاكيرا، بل المزاودة عليها، وإضافة لمسات «حريمية» اكثر على حركاتها، أكثر من ذلك، شاهدنا بعد موجة «بشاكير الحمام» و»الرقص الفرانكو أراب» نزوعا أكثر نحو الماء، وتوظيفه في لعبة إسالة اللعاب، وتفجير منابع الجوع الشرقي المزمن، وكل ذلك ضمن «رؤية» جديدة، في توظيف الجسد، كي يكون مصيدة لمصارع عشاق مع وقف التنفيذ، يجدون فيما يرونه من عروض غزيرة، فرصة لتبديد ذكورة، لا تعرف كيف تعبر عن ذاتها، في ساحات المجد والكبرياء والرجولة، فتراق على أعتاب شهوة مرة، فأصبحوا كمن يشرب ماء البحر ليرتوي!
فصاحة الكاميرا العربية، والمال الكثير المراق على تجارة بيع الاجساد بالمفرق، والازدهار غير المسبوق في بيع الشهوة المعلبة، ظواهر تترافق مع إمعان غير مسبوق أيضا، في فرم اللحم العربي، والتمثيل بالكبرياء القومية، وشطف بلاط الكرة الأرضية كلها بكرامة الأمة، عبر موجة خرس وصمت وتأتاة فريدة، ألجمت الأفواه حتى عن إخراج صرخات مكتومة، تنتصر للضحايا، حتى ولو بقول» أخ» صغيرة، مع العلم أن المسلخ مفتوح على مصراعيه، ولا يعرف أب متى يحين دور أطفاله في اخذ حصتهم من الموت!
الدستور 2017-07-03