إعلام جاهلي !!
يقدم الاعلام العربي خصوصا بعد الانفجار الفضائي منجما للمشتغلين في علوم النفس والاجتماع والانثربولوجيا اضافة الى الطب النفسي، ونادرا ما يحدث ذلك في العالم كله، واذا صح ان الاعلام يعكس الواقع فإن لدينا الان صور اشعة تسمى شاشات ، تكشف وتفضح مختلف الاورام وحالات التدرّن، ولا ندري بأية معجزة حوّل سحرة الاعلام وحواة الميديا التنمية الى انيميا، والعار الى غار والعسل الى لسع، وما قرأناه خلال العقود الاربعة الماضية عن سايكولوجيا المقهورين والمهدورين والعالقين بالتاريخ كان مجرد فحص اولي في غرفة الطوارىء ، وهنا نحن بانتظار وصول الاخصائيين والجراحين لانقاذ الملايين الذين سقطوا سهوا من الجنس الآدمي ومن ضاعت اوطانهم بحادث سير كما قال الباقي درويش !
عيّنة واحدة تكفي لفحص الدم الذي تكسرت صفائحه كما تكسرت تضاريس العالم العربي واصبحت كسورا عشرية، ورغم ان الاطالس الجديدة لم تصدر بعد الا ان السائد الاعلامي يرسم خطوط طول وعرض طائفية ! ومن قالوا ان الاناء ينضح بما فيه كانوا على دراية بهذه الافرازات؛ لأن من يزرع الشوك لن يجني العنب، ومن يستحم في السراب سيعفّر جسده بالغبار كما تفعل الفيلة !
كم كان جدنا المعري الذي اعدم رمزيا وقطع رأس تمثاله محقا حين قال هذا ما جناه ابي عليّ وما جنيت على احد، فهل نصحو من سباتنا الكهفي ولو للحظة كي نرحم من جنينا عليهم من الابناء والاحفاد !
الاعلام العربي استحق بجدارة ارقى الجوائز؛ لأنه اجترح معجزة لم يجترحها سواه، وهي توظيف اهم منجزات التكنولوجيا لخدمة الخرافة والنميمة والهجاء وحذف الفارق اللفظي بين الاعلام والاعلان والسّعدان !!!
الدستور 2017-07-09