الغموض البنّاء وصفة للنجاح

تم نشره الجمعة 25 آب / أغسطس 2017 01:11 صباحاً
الغموض البنّاء وصفة للنجاح
فهد الفانك

لكي ينجح أي تيار سياسي أو مرشح فلا بد أن يرفع شعارات تتحلى بقدر من الغموض، بحيث يفسرها كل حسب رغباته. أما توضيح وتحديد الأهداف بدقة فإنه قد يكسب أنصاراً، ولكنه يكسب خصوماً أيضاً.

قبل ثلاثة عقود فاز جيمي كارتر في الانتخابات الرئاسية في أميركا تحت شعار أنه يريد حكومة في واشنطن لا تقل طيبة عن الشعب الأميركي الطيب، هذا الشعار دخل إلى قلوب الناخبين الطيبين وكل منهم يفسر الطيبة كما يناسبه. ولكن ماذا يعني هذا؟ وأي نوع من الحكم كان كارتر سيأتي به؟.

باراك أوباما بدوره طرح شعاراً يقول أنه يريد تغيير واشنطن بشكل يستحق الثقة، ولكن أي تغيير يقصد، وبأي اتجاه؟ هو ترك لكل ناخب أن يتصور أن أوباما سيغير واشنطن بالشكل الذي يتمناه هو أي الناخب، وبذلك كسب أكثرية الناخبين.

حتى الأديان السماوية ما كانت لتكسب وتستمر عبر العصور لولا الغموض البنّاء والمرونة، فالنصوص حمالة أوجه، ليأخذ كل متلق منها الوجه الذي يناسبه، ومن هنا اختلفت تفسيرات النص نفسه وتعددت المذاهب والمدارس الفكرية.

وما زلنا نذكـر النص الغامض الذي ورد في دسـتور حزب البعث: « الملكية والإرث حقان مقدسان ومصونان في حدود المصلحة القومية». وهو شعار يطمئن الأغنياء على حقوقهم (المقدسة)، ويطمئن الفقراء على أن الملكية والإرث ليسا من الحقوق المطلقة، فهناك المصلحة القومية التي قد تتطلب مصادرة هذه الحقوق.

التسويات السياسية التي تتم بين الفرقاء والمختلفين، كاتفاق الدوحة، ما كانت ممكنة لولا الغموض البنّاء، الذي يفهمه كل فريق على أنه يلبي طلباته، ومن هنا يبدأ الخلاف على التفسير ويحتج الطرفان بنفس الوثيقة الغامضة. ويخرجان من احتفال التوقيع وكل منهما يعتقد أنه سجل انتصاراً، وحصل على الاتفاق الذي يحقق كل الأهداف التي طالما نادى بها.

النصوص الغامضة هي الأسلوب المتبع في صياغة قرارات مجلس الأمن الدولي لضمان تمريرها من جانب دول مختلفة، وأبرز مثال على ذلك القرار 242 الذي نص على انسحاب إسـرائيل من أراضٍ عربية محتلـة إلى حدود معترف بها وقابلة للدفاع عنها، فهل هو قرار بالانسحاب كما فهم العرب وحلفاؤهم، أم بالتفاوض والاعتراف كما تفهم إسرائيل وحلفاؤهـا، وأين تقع الحدود القابلة للدفاع عنها.

الراي 2017-08-25



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات