العرب في محنتهم
بين يدينا، اكثر من تطور، يقودان الى ذات الاستنتاج، أي ان الانسان العربي، مجرد حطب في الموقد، يتم حرقه، ويخرج رمادا كل مرة، في السلم والحرب، ولا نعرف ماهو السر، وراء هذه الخسائر التي لا تتوقف؟.
اليوم، بعد ان تم تدمير اليمن، فوق بنيته الضعيفة أساسا، ينقلب الحوثيون والرئيس المخلوع وقواته، على بعضهم البعض، ويتم التراشق بتهم التخوين، ورفع الأسلحة في وجه بعضهما البعض، وهذا يأتي لاعتبارات كثيرة، لست في وارد الخوض فيها، لكن السؤال يتعلق بفائدة كل الذي فعلوه في اليمن، مادامت هذه الازمة تقود الى ماهو أسوأ، وبعد سنين من الاقتتال، وتعدد المجموعات السياسية في اليمن، ومنح ايران، منصة في اليمن، ومانتج عن ذلك، من صراعات دموية، واوبئة، وامراض، وجوع، وتشرد، نعود الى المربع الأول، فينقلب الحلفاء على بعضهم، وقد نشهد حربا دموية في صنعاء، بين هذه المجموعات، بما يؤدي الى كوارث جديدة.
ما الذي استفاده اليمنيون من كل هذه المهازل، والصراع على السلطة، ومن يدفع الثمن، هنا، حقا، أليس الشعب اليمني، في وضع مأساوي، هذه الأيام، بسبب الصراع على السلطة في الأساس، وتمرد الحوثيين، واطماع الرئيس الحالي، وجماعاته، والاعتراضات الكبيرة، في مناطق اليمن الجنوبي، على كل مايجري؟!.
القصة ذاتها تتكرر في الملف السوري، ثورة وشعارات كبيرة، وتدفق لدول العالم، الى سوريا، وحروب بالوكالة بين أجهزة وعواصم، أدت الى تدمير الدولة السورية، وتشظية البنية الوطنية، وتدمير الاقتصاد وتشريد السوريين في كل مكان، وبدلا من انشغالنا، بتحليل من يتحمل المسؤولية، النظام، او المعارضة، او التطرف، او جهات إقليمية ودولية، علينا ان ننتبه الى النقطة ذاتها، كما في الملف اليمني، والسؤال يتكرر من يدفع الثمن، هنا، غير السوري العادي، الذي تبشرنا التقارير انه بدأ يعود الى شمال سوريا، في مناطق حلب، وبدء عودة سوريين بأعداد قليلة الى جنوب سوريا.
الابتهاج بالعودة لايخفي اصل القصة، فماذا استفدنا من كل هذه الصراعات، غير تدمير هذه الدول، وايذاء الناس على كل المستويات، باعتبارهم مجرد حطب في جهنم السياسة في العالم العربي؟.
هذا ليس تسطيحا لاصل القصة، الكل يعرف ان هناك مظالم شعبية، وان هناك اطرافا دخلت على خط هذه الازمات، وتدخلات دولية، افسدت أي محاولة للتغيير، بالإضافة الى ان القدرة على اختراق أي مجتمع عربي، واثارة تناقضاته، وتقسيمه على اثنين وأربعة واكثر، امر ليس صعبا، والتبريرات هنا، لانهاية لها، لكنها لاتخفي جذر المشكلة، فالانسان العربي، يدفع الثمن، ولا يخرج حتى بنتيجة، ولو كان هناك أي نتيجة لهذه الصراعات، لفهمنا ان هناك ثمنا لابد من دفعه، لكن للمفارقة، دفعت الشعوب، ثمنا كبيرا، ولم تخرج بشيء، سوى خسارة كل شيء.
ربما الكلام يتسبب بالإحباط، لكن هذا مانراه في كل مكان، تعالوا وتأملوا نموذج تونس، او نموذج ليبيا، وغيرها من نماذج، الانسان العربي خسر دولته الضعيفة والهشة والظالمة، التي لاحقوق فيها، ولاعدالة، ولم يتمكن من الحصول على شيء افضل، او مساوي، وهذا لا يدفعنا للاستسلام امام الخراب وتقديسه، باعتباره، احسن من لاشيء كما هي هذه الأيام، لكنه يقول ان التغيير يكاد يكون مستحيلا، وهذه الاستحالة تأخذنا الى الخلاصة، لماذا يريدون ثورات، لاتنجح، وتتحول الى الى خراب اكبر، وهذا ماثبت في كل مكان، ثورات تولد ميتة، والسبب معروف، شعوب تائهة، وطبقات سياسية مخترقة، وصراعات على السلطة، ونوافذ تدخل إقليمي ودولي، واختلاف بين الجميع، عما يريدون، وماذا يريدون، بشأن هويتهم وحياتهم؟.
ربما بكل صراحة، لايليق بالإنسان العربي، الا تأمل التاريخ، فيما محاولة صناعة تاريخ جديد، لاتنجح ابدا، والذي يراجع الفواتير التي دفعتها الشعوب، يعرف، انها ذهبت، حرقا، في كل المواقد التي تم اشعالها.
مشكلة العرب، بنيوية وتاريخية، ونحن مجرد حطب في جهنم الدنيا.
الدستور 2017-08-26