الخاسرون بالتساوي !!
قد لا تشهد السنوات الثلاث القادمة انعطافات نوعية في حياة العرب سياسيا واقتصاديا وثقافيا، لكنها بالتأكيد ستوفر لمن اشتبكوا سبعة اعوام عجاف مع بعضهم ومع انفسهم ايضا فرصة تتيح لهم احصاء الغنائم والخسائر والانتصارات والهزائم، وقد يحتاجون الى اعادة تعريف كل هذه المفردات كي يزعم البعض بأنه انتصر ويتخيل البعض الاخر انه حصد غنائم .
والحقيقة ان هناك هزيمة كبرى قد لا تكون موزعة بالتساوي لكنها هزيمة بكل المقاييس، فالعربي اصبح ذلك المُنبتّ الذي لا ماضيا ابقى ولا حاضرا قطع، بل استطالت انيابه الى المستقبل ليقضم لحم احفاده وهذه ليست رؤية سوداوية تصور الراهن العربي على انه ديستوبيا تفوقت في رذائلها ومأساويتها على كل ما سبقها .
واذا اتيحت لنا جميعا فرصة المراجعة واحصاء الخسائر وما لحق بأعرق مدننا من الخراب بحيث تحولت الى اطلال، فإن الفأس ستكون قد وقعت في الرؤوس جميعا، ولن يجدي نفعا البكاء على الدم المسفوح لا الحليب المسكوب كما يقول مثل انجليزي !
اما محامو الشيطان ممن يتنطعون لما لا يعلمون ويصدقون احلام يقظتهم، فهم اشبه بذلك المحامي الذي بذل جهدا كبيرا وتقاضى اجرا عظيما مقابل الحكم على موكله بالاعدام ! او الطبيب الذي خرج من غرفة العمليات مبتسما وهو يقول ان العملية التي اجراها نجحت لكن المريض مات !
ما خسره العرب ماديا ومعنويا وثقافيا خلال اعوام الانتحار القومي اضعاف ما خسروه في عدة قرون سواء في الحرب مع الغزاة او حروب الاستقلال، فأية رياضيات قومية وعربية تلك التي جعلت من حاصل جميع الارقام كلها صفرا، ولم تعرف غير القسمة والطّرح !
عرب عام 2020 قد يستيقظون من كابوس طال اعواما قد يستغرقهم السبات حتى القيامة !!!
الدستور 2017-08-27