بين يدي قاضي القضاة
تلقيت في الآونة الأخيرة أكثر من شكوى خاصة بكيفية التصرف بتركة المتوفي، في حالة كان في الورثة من هو قاصر، وفي هذه الحالة فإن المسؤول عن إدارة أمواله هو الجهة الشرعية، وكي تتضح الصورة الأكثر، سأعرض لاثنتين من الحالات التي وردتني..
الحالة الأولى تتصف بشيء من التعقيد، حيث ترك الوالد تركة لا بأس بها، ومن ضمن أصحاب الحقوق، اثنان من القصر لأحد الأبناء الذي توفي بعد وفاة والده، والمشكلة هنا أن من ضمن التركة أراض وعقارات، وكلما أراد الورثة التصرف بشيء منها بالبيع، واجهتهم مشكلة عويصة، إذ يرفض القاضي الشرعي المسؤول عن إدارة أموال الأيتام أي عقد بيع حتى ولو كان مجزيا، لأنه يوجد في حساب الأيتام مبلغ من المال يكفي للصرف عليهم، وكان يقول لهم إن من حق الوارث أن يبيع حصته، أما حصص الأيتام فلا، حتى ولو كان لهم مصلحة في البيع، والمشكلة أن اي مشتر لا يمكن أن يدخل في شراكة مع أيتام في صفقة شراء عقار، ولهذا فإن أي عملية بيع لأي عقار تابع للأب المتوفى كان مصيرها الفشل، علما بأن الورثة الراشدين يعيشون حالة مرعبة من الحاجة، فهم فعليا يملكون الكثير من المال، على شكل عقار، إلا أنهم عمليا فقراء بل قد يصل البعض منهم حالة الفقر المدقع، والسبب عدم تمكنهم من التصرف بحصصهم من الميراث، أعتقد أن هذه الحالة بالذات وما يشابهها جديرة باهتمام دائرة قاضي القضاة، ومؤسسة تنمية وإدارة أموال الأيتام، لأن تحقيق مصلحة يتيم قاصر، يجب أن لا تحجب تحقيق مصلحة بقية الورثة بأي حال من الأحوال، فلا ضرر ولا ضرار!
الحالة الثانية يشرحها صاحبها بنفسه فيقول: يوجد سيارة للوالد رحمه الله واردنا ان نبيعها الى اختنا. يوجد لنا اخ قاصر عمره 17 عاما. تبدأ المعاناة عند المحكمة الشرعية حيث تقوم بتقديم طلب اذن بيع من قبل الوصي على القاصر. بعدها يقوم رئيس المحكمة مع موظف اخر بإحضار خبير سيارات او اكثر ويتم معاينة السيارة لتحديد سعرها بعيدا عن الاتفاق بين الطرفين البائع والمشتري حفاظا على حق القاصر. تم تحديد السعر وكان قريبا جدا من السعر المتفق عليه. بعد ذلك تأخذ المعاملة الى دائرة قاضي القضاة لتفاجأ بان هناك من يضيف مبلغا آخر لصالح القاصر وهذا يشير الى تشكيك في مصداقية المحكمة الشرعية وكذلك خلق اشكالية ان الذي سيدفع فرق المبلغ الورثة الآخرون! ثم يعيدونك الى المحكمة مرة أخرى ومنها الى مؤسسة تنمية أموال الأيتام لإيداع المبلغ الذي أقرته دائرة قاضي القضاة. هنا طبعا القضية المهمة والخطيرة الثانية –وعلى ذمة صاحب القضية وهو الأخ خلدون أبو حميدان- وهي أن هذه المؤسسة يفترض أنها تقوم بتشغيل الأموال لصالح الأيتام ولكن للأسف ان اليتيم عندما يبلغ السن القانوني سيحصل فقط على رأس المال بدون أرباح! السؤال أين تذهب الأرباح التشغيلية لهذه الأموال وماذا استفاد اليتيم من حبس أمواله التي لا يستطيع ان يأخذ منها أكثر من 40 دينارا شهريا؟
يختم صاحبنا رسالته بالقول: أرجو منك أن تبحث في هذين الموضوعين الخطيرين واللذين يمسان قطاعا واسعا من المواطنين.
وأنا بدوري أحيل كل ما ورد إلى دائرة قاضي القضاة، وأنا على يقين أن هذه المسألة ستجد الاهتمام اللازم الذي يليق بها، لما عهدناه من أداء متميز لتلك الدائرة والمسؤولين عنها، الحريصين على تحقيق مصالح المواطنين...
الدستور 2017-08-28