التحدي الكوري الشمالي
واشنطن تهدد وتتوعد كوريا الشمالية بعد أن قامت الاخيرة بتجربة ناجحة للقنبلة الهيدروجينية التي يمكن وضعها على صواريخ بعيدة المدى.
وهذا التهديد والوعيد ليس جديدا على الإدارة الاميركية الحالية. فهذه الإدارة هددت وتوعدت حلال الاشهر القليلة الماضية برد عسكري على تجارب كوريا الصاروخية بعيدة المدى وخصوصا الاخيرة والتي قالت بيونغ يانغ إن صواريخها بات بأمكانها أن تصل كافة مناطق الولايات المتحدة الاميركية.
ومع أن رئيس الادارة الأميركية دونالد ترامب، يحاول أن يؤكد أنه ليس كغيره من رؤساء الولايات المتحدة الأميركية الذين هددوا دون أن يفعلوا شيئا على ارض الواقع، فهو بحسبه يهدد ويفعل. وهذا ما حاول ايصاله عندما ضرب مطار الشعيرات في سورية بعد اتهامات للحكومة السورية باستخدام الكيماوي.
ولكنه، فيما يتعلق بالازمة الكورية، والتصعيد الكوري الشمالي المستمر باجراء التجارب الصاروخية والنووية وآخرها القنبلة الهيدروجينية، لم يتمكن من فعل أي شيء، وما يزال يهدد ويتوعد، دون أي اجرء على الارض، سوى المزيد من العقوبات التي أثبتت بيونغ يانغ أنها تستطيع العيش بدونها، وأنها تستطيع بالرغم من كل العقوبات المضي إلى الأمام في برامجها الصاروخية والنووية.
ولذلك، فان كوريا الشمالية، وبرامجها وتوجهاتها وسياستها، تشكل تحديا حقيقيا للادارة الاميركية الحالية. فهذه الادارة تعتب على ادارة باراك اوباما السابقة، بانها كانت تركز على العمل السياسي لاحتواء الازمات في العالم، وانها (الادارة الحالية) تريد أن تعيد لواشنطن قوة ردعها التي فقدتها مع الادارة السابقة باستخدام القوة العسكرية للتصدي لاعدائها وخصوصا بيونغ يانغ.
ولكن هذا الاختبار ليس سهلا، فكوريا الشمالية التي تملك ترسانة اسلحة خطيرة ومدمرة وتقوم بتحديثها باستمرار، والتي تملك ايضا حلفاء مثل الصين وروسيا، لن تكون لقمة سهلة، وستكون عقبة حقيقية صعبة وقاسية امام سياسة الادارة الاميركية.
ومن المتوقع، أن تتراجع الإدارة الأميركية أمام التعنت الكوري الشمالي، بعدم استخدام الخيار العسكري، فهذا الخيار مدمر وقتال لكل العالم، ولايمكن الحد من آثار خطورته على العالم.
لهذا فمن المتوقع، أن تبحث الإدارة الأميركية مع حلفائها عن خيارات أخرى بعيدا عن الخيار العسكري. واذا ماتم ذلك، فانها ضربة موجعة لترامب وادارته وسياسته.
إن هذه الازمة تثبت، أن الادارات الاميركية لاتفهم سوى لغة القوة، وهي تستخدم القوة عندما يكون الطرف الآخر ضعيفا، وتتراجع عن استخدام القوة والخيار العسكري عندما تواجه خصما أو عدوا قويا لايفهم سوى لغة القوة.
الغد 2017-09-05