دولة اردوغان في اسرائيل
اردوغان اصبح هنا، وبالتحديد خلف الزاوية. “في حدائق المعارض قمت بتأسيس دولة اردوغان”، هكذا سيكتب نتنياهو في مذكراته. هو يكذب وهم يهتفون له. وهو يقوم بالتحريض وهم يصفقون له. وهم يعرفون أنه يكذب ويحرض، وهو يعرف أنهم يعرفون ذلك. هكذا يبنون دولة، هكذا تبنى دولة اردوغان الجديدة، التي فيها يتم اعطاء مكافأة على الكذب، والتحريض هو عملية مشروعة، هكذا يضعون المعايير.
من السهل التفكير بأن من يصفقون له هم جنوده، لكن في الحقيقة هو جنديهم. إنهم بحاجة اليه وهو بحاجة اليهم. وهو يقوم بضربهم وهم يقبلون يديه. هم يرسلونه لاقامة دولة اردوغان وهو يقدم لهم الفاتورة. إنها ليست رخيصة. غواصة هنا وسيجار هناك. ثمن معقول قياسا الى الانجازات. سيأسفون اذا تعرض للخطر لكنهم لن يذرفوا دمعة اذا ذهب.
لقد نجح في الاقناع بأن الاستقامة ليست أمرا مفهوما بحد ذاتها. بدل النزاهة يرمي لنا “القيم”. وعن القيم يسهل الحديث. عن القيم لا يشهدون في الشرطة. عن القيم معينة لدينا اييلت شكيد. وشكيد هي امرأة ذات قيم. في مكان آخر وفي زمن آخر كانت ستخطب بنفس الحماسة الباردة عن الشيوعية أو الفاشية أو البوذية. الآن هي في الصهيونية.
عندما تتحدث شكيد عن الصهيونية لا يعرف أي أحد عن أي صهيونية تتحدث. ومشكوك فيه اذا كانت هي نفسها تعرف. اعتمادا على منشورات سابقة يمكن الافتراض أن الصهيونية التي تتطرق اليها ترتكز على خمسة أسس: الاول “هذا ما يريده الشعب”، الثاني “يريدون القضاء علينا”، الثالث “محكمة العدل العليا ضدنا”، الرابع “وسائل الاعلام بلشفية”، الخامس، كل شيء لدينا “قانوني وديمقراطي”.
البند الديمقراطي هام بشكل خاص، لن نتنازل عن صفة “الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط”، حتى لو قبع نصف الدولة في السجن. العديد من حقوق الانسان ستلقى في سلة القمامة. هكذا سيكون الامر في اردوغان الصهيونية. إنهم يقومون بعلاج موضوع المدارس الآن، وسيعالجون موضوع المحكمة العليا، وأخيرا في الثالثة فجرا سيطرق الباب.
كل ذلك نتسبب به لانفسنا بارادتنا، بوعي كامل وتفكير صاف. ربما نكون قد اجتزنا الخط الذي تكون بعده المظاهرات غير مجدية، نحن الآن غير متأكدين من أن هذا لن يحدث لنا. والشعب الذي أعطى العالم كانت وبتهوفن حدث له ذلك. والشعب الذي أعطى العالم التوراة حدث له ذلك. وهذا سيحدث لأن المكان الذي نوجد فيه يصل اليه الجميع.
لقد ظن بياليك أن عاهرة يهودية ستحولنا الى شعب مثل كل الشعوب. وقد أصبح لدينا عاهرة. وانظروا كم هو جميل أننا استيقظنا من قتل رابين. الجمهور الذي هتف لمتهم يقف فوق كل شبهة، يريد أن يكون مثل الجميع، لكن مع تفسير صهيوني.
نلائم الصيغة الصهيونية مع كل شيء. هناك “اخلاق” ولتكن هناك “اخلاق صهيونية”. هناك “ديمقراطية” ولتكن “ديمقراطية صهيونية”. في ديمقراطية صهيونية سيكون الفساد وسيلة مشروعة لتحقيق اهداف سامية: استيطان البلاد وتحسين حساب البنك. كل شيء سيكون قانونيا. السؤال من في سلاح الجو يحصل على كوبون من شراء طائرات، نتركه لديمقراطية اخرى.
عندما يقولون إن كل شيء سيكون قانونيا، نصاب بالدهشة. لقد فعلوا لنا اشياء خطيرة اكثر من اللازم بصورة قانونية. نحن ننسى بسرعة ونتسامح بسخاء. فقط قبل سبعين سنة كنا لاجئين. وقد نسينا كيف كان الامر. سبعون سنة هي لا شيء في عمر الشعوب، فقط مرت سبعون سنة. واصبحنا نتعامل مع اللاجئين السود مثلما تعاملوا معنا كلاجئين يهود. نحن نسميهم “سرطان” مثلما سمونا. ونغفر لأنفسنا أننا نكرههم فقط لأنهم سود ونحن بيض.
نحن نغفر لانفسنا، ونغفر ايضا لبيبي، لأنه بسبب يهود خارجين على القانون لم نتمكن من الوصول الى المحطة المركزية. يغفرون مسبقا لمن يهتفون “السودانيون الى الخارج”، مثلما كانوا يصرخون علينا “اليهود الى الخارج”. نحن نغفر لدرعي الذي يريد تجويعهم، لأنه كان سيغفر لنا لو كنا سميناه “نازي”.
اسألوني ماذا يعني “نحن”؟ ماذا يعني “لنا”؟ هل جميعنا مذنبون؟ هل جميعنا عنصريون؟ لماذا هذا التعميم؟ حسب رأيي هذا تعميم مناسب لأننا نشارك في الصمت، شركاء مؤقتون في دولة اردوغان المتجددة. بعد لحظة سننقسم الى شعبين متعاديين مثلما نفعل دائما. ذات مرة كنا الصدوقيين مقابل الفريسيين، والآن نحن يساريون مقابل يمينيون. وكما انتهى ذلك في حينه، هكذا سينتهي الآن ايضا.
هآرتس 7/9/2017